الثلاثاء، 28 مايو 2013
الأديب المصري المتألق السيد إبراهيم أحمد في حوار مفتوح من تنشيط الشاعر ياسين عرعار
الأحد، 14 أبريل 2013
المنظومة الأسنى في الأسماء الحسنى بقلم السيد إبراهيم أحمد | دنيا الرأي
المنظومة الأسنى في الأسماء الحسنى بقلم السيد إبراهيم أحمد | دنيا الرأي
وبأسماء المولى تعالى ـ ـ ـ ـ الحُسنى لله لَبيـــــــــــتْ
اللهُ الرحمان يرحمنــــا ـ ـ ـ ـ بالرحيم سَميت وبديـــتْ
الملك القدوس يجمعنـا ـ ـ ـ ـ للسلام المؤمن جيــــــتْ
بالمهيمن هِمنـا جـلالاً ـ ـ ـ ـ يا لعزيز بالعزة ناديـــــت
يُجبُرنا الجبــار مولانا ـ ـ ـ ـ يا لمتكبر نظرة ياريـــــتْ
الخالقْ البـــاري تجلىَ ـ ـ ـ ـ للمصور أنا صليــــــــــت
والغفــــار إن يغفر ليِّاَ ـ ـ ـ ـ القهار يقهر طواغــــــيت
الوهاب وبفضلهُ وهَبْ ليِ ـ ـ الرزاق أعطاني وعَطِيت
الفتـــاح فتَّحْ لي ابوابه ـ ـ ـ ـ وبعلمِ العَليم خَطْيـــــــت
القـــابض شر أعادينــا ـ ـ ـ ـ الباسط لآل البيـــــــــــت
مايخفضنا الخافض أبدًا ـ ـ ـ ـ والرافع عَزِّني فَعْلِـــــيت
من عـــــز المعز العزة ـ ـ ـ ـ وبذل المُذل بكـــــــــــيت
يسْمعني السميع يرحمني ـ ـ ـ ـ البَصير بَصْرْني مشيت
الحكم العــــدل ونصفني ـ ـ ـ ـ اللطيف يلطف ماجنـــيت
الخبيـــر بأمري وحِلْمهُ ـ ـ ـ ـ الحليم منُ اتحليـــــــــــت
بالعظيم أقسمت ما أعصى ـ ـ ـ ـ الغفور أبدًا ماحيــــيت
الشكـــــور إن تشكر زادك ـ ـ ـ ـ ولْربي العَلِّي طاطيــت
الكبيــــــر ولا غيرك أكبر ـ ـ ـ ـ الحفيظ يحفظني دعيت
المُقيـــت قواني بقُوُتـه ـ ـ ـ ـ الحسيب حاسب ماعصيت
الجليل ساجد لجمــــــاله ـ ـ ـ ـ ولكرم الكريم حنيــــــــت
الرقيــب يخشــاه العارف ـ ـ ـ ـ يالمجيب ارفع مابَليـــت
الواسع وبفضله وَسَعْني ـ ـ ـ والحكيم من هديه روِيـت
الوَدود وبــــودهُ وَصَلْني ـ ـ ـ ـ وبمجد المَجيد عَدِيـــــت
الباعث بالخيــــر يبْعَثني ـ ـ ـ ـ وِشهَدْ لي الشهيد فنْجيت
الحق الوكيــــل سبحانـــه ـ ـ ـ ـ القوى متين فقوِّيـــــــت
الوَليِ بعبــــــــدهُ توِّلىَ ـ ـ ـ ـ ع الحميد حمدًا أثنيــــــــت
المُحصي أفعالنـــا المُبدي ـ ـ ـ ـ المُعيد محيي ومميـــــت
الحي القيــوم الواجــــــد ـ ـ ـ ـ للماجد طفت بالبيــــــت
الواحد الصمد القــــــادر ـ ـ ـ ـ مُقتَدِرٌ مولانـــا ناجيـــــت
المُقَدِمُ محا ماتقـــــــــــدَمْ ـ ـ ـ ـ يامُؤخِر أخِرْ ماحَصِــــيتْ
الأول و الآخر ربـــــــــي ـ ـ ـ ـ للظاهر باطن صَفِـــــــيت
الــوالي يتـــولى شــئوني ـ ـ ـ ـ بالمُتعالي البَر عَفــــــيت
التواب يتقبِل توبـــــــــــتي ـ ـ ـ ـ يا منتقم العفو نْسِــــيت
الرؤف المالك مُلكـــــــهُ ـ ـ ـ لذوالجلال لاكرام خَطيـــت
المُقسط يجمعنا الجامع ـ ـ ـ ـ بالغني المغني غِنيـــــــــت
المانـع الضار يحميــني ـ ـ ـ ـ النافع بالنـور حســــــــيت
الهادي البــــديع ولا أبــدع ـ ـ ـ ـ البــاقي مسلم مابقــيت
الوارث ولا غيـــرك وارث ـ ـ ـ الرشيد بهدايته هَديـــت
يصبَّرني الصبور أتحمِّلْ ـ ـ ـ ـ وبأسمائك الحسنى دعيت
تدخلني الجنة برحمـاتك ـ ـ ـ ـ مش حمل النار إن خشيت
تجمعنا يارب برســـولك ـ ـ ـ ـ ف الفردوس ياما أتمنيت
واسقيني بالحب طهــورًا ـ ـ ـ ـ لأسمائك طايــع أحصيت
تتقبــل مني ما أنشــــدته ـ ـ ـ ـ للسامع وشايفني ياريت
وبأسماء المولى تعالى ـ ـ ـ ـ الحُسنى لله لَبيـــــــــــتْ
اللهُ الرحمان يرحمنــــا ـ ـ ـ ـ بالرحيم سَميت وبديـــتْ
الملك القدوس يجمعنـا ـ ـ ـ ـ للسلام المؤمن جيــــــتْ
بالمهيمن هِمنـا جـلالاً ـ ـ ـ ـ يا لعزيز بالعزة ناديـــــت
يُجبُرنا الجبــار مولانا ـ ـ ـ ـ يا لمتكبر نظرة ياريـــــتْ
الخالقْ البـــاري تجلىَ ـ ـ ـ ـ للمصور أنا صليــــــــــت
والغفــــار إن يغفر ليِّاَ ـ ـ ـ ـ القهار يقهر طواغــــــيت
الوهاب وبفضلهُ وهَبْ ليِ ـ ـ الرزاق أعطاني وعَطِيت
الفتـــاح فتَّحْ لي ابوابه ـ ـ ـ ـ وبعلمِ العَليم خَطْيـــــــت
القـــابض شر أعادينــا ـ ـ ـ ـ الباسط لآل البيـــــــــــت
مايخفضنا الخافض أبدًا ـ ـ ـ ـ والرافع عَزِّني فَعْلِـــــيت
من عـــــز المعز العزة ـ ـ ـ ـ وبذل المُذل بكـــــــــــيت
يسْمعني السميع يرحمني ـ ـ ـ ـ البَصير بَصْرْني مشيت
الحكم العــــدل ونصفني ـ ـ ـ ـ اللطيف يلطف ماجنـــيت
الخبيـــر بأمري وحِلْمهُ ـ ـ ـ ـ الحليم منُ اتحليـــــــــــت
بالعظيم أقسمت ما أعصى ـ ـ ـ ـ الغفور أبدًا ماحيــــيت
الشكـــــور إن تشكر زادك ـ ـ ـ ـ ولْربي العَلِّي طاطيــت
الكبيــــــر ولا غيرك أكبر ـ ـ ـ ـ الحفيظ يحفظني دعيت
المُقيـــت قواني بقُوُتـه ـ ـ ـ ـ الحسيب حاسب ماعصيت
الجليل ساجد لجمــــــاله ـ ـ ـ ـ ولكرم الكريم حنيــــــــت
الرقيــب يخشــاه العارف ـ ـ ـ ـ يالمجيب ارفع مابَليـــت
الواسع وبفضله وَسَعْني ـ ـ ـ والحكيم من هديه روِيـت
الوَدود وبــــودهُ وَصَلْني ـ ـ ـ ـ وبمجد المَجيد عَدِيـــــت
الباعث بالخيــــر يبْعَثني ـ ـ ـ ـ وِشهَدْ لي الشهيد فنْجيت
الحق الوكيــــل سبحانـــه ـ ـ ـ ـ القوى متين فقوِّيـــــــت
الوَليِ بعبــــــــدهُ توِّلىَ ـ ـ ـ ـ ع الحميد حمدًا أثنيــــــــت
المُحصي أفعالنـــا المُبدي ـ ـ ـ ـ المُعيد محيي ومميـــــت
الحي القيــوم الواجــــــد ـ ـ ـ ـ للماجد طفت بالبيــــــت
الواحد الصمد القــــــادر ـ ـ ـ ـ مُقتَدِرٌ مولانـــا ناجيـــــت
المُقَدِمُ محا ماتقـــــــــــدَمْ ـ ـ ـ ـ يامُؤخِر أخِرْ ماحَصِــــيتْ
الأول و الآخر ربـــــــــي ـ ـ ـ ـ للظاهر باطن صَفِـــــــيت
الــوالي يتـــولى شــئوني ـ ـ ـ ـ بالمُتعالي البَر عَفــــــيت
التواب يتقبِل توبـــــــــــتي ـ ـ ـ ـ يا منتقم العفو نْسِــــيت
الرؤف المالك مُلكـــــــهُ ـ ـ ـ لذوالجلال لاكرام خَطيـــت
المُقسط يجمعنا الجامع ـ ـ ـ ـ بالغني المغني غِنيـــــــــت
المانـع الضار يحميــني ـ ـ ـ ـ النافع بالنـور حســــــــيت
الهادي البــــديع ولا أبــدع ـ ـ ـ ـ البــاقي مسلم مابقــيت
الوارث ولا غيـــرك وارث ـ ـ ـ الرشيد بهدايته هَديـــت
يصبَّرني الصبور أتحمِّلْ ـ ـ ـ ـ وبأسمائك الحسنى دعيت
تدخلني الجنة برحمـاتك ـ ـ ـ ـ مش حمل النار إن خشيت
تجمعنا يارب برســـولك ـ ـ ـ ـ ف الفردوس ياما أتمنيت
واسقيني بالحب طهــورًا ـ ـ ـ ـ لأسمائك طايــع أحصيت
تتقبــل مني ما أنشــــدته ـ ـ ـ ـ للسامع وشايفني ياريت
الثلاثاء، 2 أبريل 2013
الوفاء .. معجزته صلى الله عليه وسلم - سيرة - موقع آفاق الشريعة - شبكة الألوكة
الوفاء .. معجزته صلى الله عليه وسلم - سيرة - موقع آفاق الشريعة - شبكة الألوكة
لمَّا ثبت في حق الرسول - صلى الله عليه وسلم - الصدق وهيَّ صفة عظيمة تتجاور إلى جانبها صفات أخريات، بل وتتولد عنها صفات، ثبت في حقه أيضًا الوفاء الذي هو أخو الصدق، وقد عدد الرسول صلى الله عليه وسلم الصفات ونقائضها بتراتبية عجيبة بدأها بالإيمان، وثنى عليها بالصدق، وأقام بعدهما الوفاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر"[1].
وقال ابن حزم: "الوفاء مركب من العدل والجود والنجدة"[2].. فيما يثبت أن الصفات الطيبة تجمعها التكاملية، كما تتجاذب الصفات السيئة في الشخص الواحد.
إذن فكيف لايكون النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيًا والوفاء سجيةٌ وطبعٌ مركوز فيه وهو الذي يتلمسه فيستبينه المُطالع لسيرته دون عناء؛ فالوفاء عنده صلى الله عليه وسلم دروب متنوعة حتى يخال المرء أنه عم كل حياته كأن ليس فيها إلا تلك الخصلة؛ إذ كان صلى الله عليه وسلم وفيًا مع ربه عز وجل، وفيًا في عهوده حربًا وسلمًا، وفيًا في معاملاته، وفيًا لأمه في مروره على قبرها في غدواته وروحاته، وفيًا لأقاربه المؤمن برسالته والكافر ويقف عمه أبو طالب خير شاهدٍ على ذلك، وفيًا لمن أرضعنه ثويبة وحليمة السعدية ومن رعته منهن أم أيمن وفاطمة بنت أسد، وفيًا لأصحابه ومن أخطأ منهم خطأً جسيمًا كحاطب بن أبي بلتعة، وفاؤه - صلى الله عليه وسلم - لعهوده وشروطه حتى مع أعدائه ويكفينا ذكر صلح الحديبية وإرجاع أبي بصير مع مجيئه مسلمًا، بل امتد هذا الوفاء النبوي حتي عم الحيوان والشجر والحجر.
أما الذي استرعى الانتباه فهو وفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لزوجه الأول خديجة والتي سبقت إلى الدار الآخرة في حضور زوجة صغيرة، مليحة، على قيد الحياة، في واقعة استلفتت الكافة من عرب ومن عجم فأداروا فيها الفكر وأمعنوا فيها النظر، وتلك الواقعة نقلتها لنا السيدة عائشة، فقالت - رضيَّ الله عنها -: "اسْتَأْذَنَتْ هَالَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، أُخْتُ خَدِيجَةَ، عَلَى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَعَرَفَ اسْتِئْذَانَ خَدِيجَةَ، فَارْتَاعَ لِذَلِكَ؛ فقال: "اللَّهُمَّ هَالَةَ"، قالت: فَغِرْتُ، فَقُلْتُ: مَا تَذْكُرُ مِنْ عَجُوزٍ مِنْ عَجَائِزِ قُرَيْشٍ، حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ، هَلَكَتْ فِي الدَّهْرِ، قَدْ أَبْدَلَكَ الله خَيْرًا مِنْهَا"[3].
ولن نجد غير الأحاديث المروية لتنقل لنا تصوير حدث استقبال سؤال أمنا عائشة المباغت، ففى مستدرك الحاكم ومسند أحمد نقلا قول عائشة - رضى الله عنها - وأرضاها عن موسى بن طلحة: "فتمعر وجهه تمعرًا ما كنت أراه إلا عند نزول الوحى" "والتمعر هو تغير فى الوجه تعلوه صُفرة"، أما فى صحيح مسلم فكان قول عائشة: "فغضب حتى اهتز مقدم شعره من الغضب"، ولمتخيلِ أن يتخيل ماذا سيجيب رجل بمثل هذا الغضب وتغير الوجه حتى أنه لعظم غضبه - صلى الله عليه وسلم - شبهته - عائشة - بما يعتوره من تعب تلقى الوحى، إذ كان نعت عائشة لخديجة بـ "حَمْرَاءِ الشِّدْقَيْنِ"أي العجوز التي سقطت أسنانها من الكِبَر، نعتًا قاسيًا على صدر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
كان جواب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زاجراً ورادعًا: "والله ما أبدلني الله خيراً منها".. وأخذ يعدد مناقب زوجته السابقة كأحسن ما يناجي الحبيب حبيبه، وهذا علي خلاف المتوقع "آمنت بي حين كفر الناس، وصدقتني إذ ك-ذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني منها الولد دون غيرها من النساء"[4].
مكمن الإعجاز في الجواب، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فضَّل الزوجة المسنة المتوفية، علي الزوجة الصغيرة المليحة التي مازالت معه حية ترزق ولم يكتف بهذا، بل أخذ يدلل علي سر عظمتها عنده واستحقاقها لهذا الوفاء الصادق نقطة نقطة إلي أن وصل إلي النقطة الفارقة بينهما ألا وهي الإنجاب فلم يؤلمها بها، حيث قال بشكل ضمني يفهم سامعه المراد منه "دون غيرها من النساء" ولا يظن ظان أن حسم إجابة الرس-ول - صلى الله عليه وسلم - صدرت منه بهذه الحدة الظاهرة عن كره لزوجته الحالية، كلا.. فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحب السيدة عائشة حبًا شديدًا، اعترف به صراحة ودون مواربة أمام صحابي جليل هو عمر و بن العاص حين سأله ذات مرة: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ". قُلْتُ: مِنْ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا"[5].
وهنا يكمن سر الإعجاز البشري للرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما تكلم عن زوجة سابقة أحبها في حضور زوجة حالية يُكنُ لها الحب أيضا، ولكنه في قرارة نفسه ظلت خديجة عنده سيدة النساء ليس كمثلها امرأة وإن تكن عائشة بنت صديقه أبا بكر الذي يكن له الحب أيضًا، فقد كان صلى الله عليه وسلم يشع-ر بالبنوة مع خديجة، ويشعر بحنان الأبوة مع عائشة، فقد كانت السيدة خديجة أمًا ترعاه، تمده وتتعهده بالعقل والحنكة، رافقته بدايات رحلة الدعوة الأولى وهو بعد يتلمس الأنصار الأكفاء لدعوته الوليدة، بينما كانت السيدة عائشة بنتًا يدللها ويرعاها، تدخل السرور على قلبه بطرافتها وجمالها وذكائها وعقلها وفطنتها، أكملت مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - خواتيم رحلة الدعوة بعد الجهر والقوة والمنعة، كما صاحبته خواتيم حياته الشريفة نفسها فبين صدرها ونحرها كانت وفاته - صلى الله عيه وسلم.
وتذكر كتب السيرة أن السيدة عائشة التي كانت الزوجة الأثيرة عنده - صلى الله عليه وسلم - وختم حياته في بيتها، لم تجرؤ بعد هذا أن تذكر السيدة خديجة أبدًا.
يقول توماس كارليل[6] منبهرًا بوفاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - لزوجته السابقة المتوفاة: (...كان وفاؤه وفاءً لا تحده حدود.... إنه لم ينس أبدًا زوجته الطيبة الكريمة الأخلاق خديجة. وبعد وفاة زوجته أم المؤمنين خديجة بوقت طويل، سألته زوجته الشابة، وهى امرأة كانت تشعر بمكانتها المتميزة بين نساء النبي، وسألته يومًا قائلة له: " ألستُ أنا الآن أفضل من خديجة؟ لقد كانت أرملة تقدم بها العمر، وكانت قد فقدت رونق شبابها. ألست تحبني أنا أكثر مما كنت تحبها؟ فقال لها: " لا، والله لقد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وآوتني إذ رفضني الناس، وصدقتنى إذ كذبني الناس، ورزقت منها الولد وحُرِمتموه مني").
وحين نسمي هذا إعجازًا في كوننا لا نضعه على قائمة محمد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما نقصره في بشريته وحسب، فعلى من رأى أن الأمر جد يسير فليطبقه على نفسه ويرى ما هو فاعل وقائل فى حضور زوجته إذا ما ذكر لها طرفًا يسيرًا من سيرة زوجة سابقةً عليها قضت، أو ضمها معها وهما على قيد الحياة.. فهل سيكون بمثل هذا الوفاء؟!.. وهنا يتبدى الإعجاز في وفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي ينضم إلى سائر صفاته المعجزة التي سقناها والتي لم نسقها بعد.
[1] رواه البخاري (34)، ومسلم (58).
[2] "الأخلاق والسير" لابن حزم (ص145).
[3] (البخاري ومسلم).
[4] مسند أحمد برقم (24745).
[5] سنن الترمذي، كتاب المناقب، بَاب مِنْ فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حديث رقم (3820)، وقَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
[6] توماس كارليل، الأبطال وعبادة الأبطال والبطولات فى التاريخ.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/52577/#ixzz2PKDBKW7O
الثلاثاء، 26 مارس 2013
الكاتب السيد إبراهيم احمد: على ميه بيضا - عيد الأم
الكاتب السيد إبراهيم احمد: على ميه بيضا - عيد الأم
لقائي مع المذيع اللامع/ مصطفى الحسيني في برنامج : "على ميه بيضا" ،
بقناة مصر 25
يوم الأربعاء الموافق 20/03/2013 ، وحلقة مميزة جدًا عن الأم ..
الاثنين، 25 فبراير 2013
الثبات .. معجزته صلى الله عليه وسلم - سيرة - موقع آفاق الشريعة - شبكة الألوكة
الثبات .. معجزته صلى الله عليه وسلم - سيرة - موقع آفاق الشريعة - شبكة الألوكة
ورغم كل هذه الضغوط، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يربي المسلمين في الحصار على ضرورة الثبات، ويقودهم لدعوة الوافدين في مواسم الحج مؤكدًا تربيته لأصحابه على ضرورة استمرار الدعوة مهما ضاقت الظروف، وقلَّت الموارد[4].
نعم، لقد كان الحصار وسيلة الضغط على المسلمين بقيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى المتعاطفين معهم كانت مؤلمة، إلا أن الثبات والصبر على المبدأ وقوة إيمان المسلمين، ثبَّتهم أمام هذه المقاطعة العامة[5].
ويشهد على ثباته - صلى الله عليه وسلم - رفضه لما عرضه عليه رؤساء قريش ذات يوم عند ظهر الكعبة، وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو سفيان بن حرب، ورجلٌ من بني عبد الدار، وأبو البختري أخو بني أسد، والأسود بن المطلب بن أسد، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام، وعبدالله بن أبي أُمية، وأُمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميين، فقالوا: "يا محمد، إنا قد بعثنا إليك لنُكلمك، وأنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك، لقد شتمـت الآباء وعبت الدين، وشتمت الآلهة، وسفَّهت الأحلام، وفرقت الجماعة، فما بقي أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً، جمعنا لك من أموالنا؛ حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا، فنحننُسَوِّدُكعلينا، وإن كنت تريد به مُلكًا، ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن رئيًا - فربما كان ذلك، بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك؛ حتى نُبرئك منه أو نعذر فيك، فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: "مَا بِي مَا تَقُولُونَ مَا جِئْتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُب أَمْوَالكُمْ وَلَا الشَّرَف فِيكُمْ وَلَا الْمُلْك عَلَيْكُمْ وَلَكِنَّ اللَّه بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولًا وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُون لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَات رَبِّي وَنَصَحْت لَكُمْ فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِر لِأَمْرِ اللَّه حَتَّى يَحْكُم اللَّه بَيْنِي وَبَيْنكُمْ"، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/50987/#ixzz2LvCVpJrx
على كثرة ما كتب المفكرون عن النواحي الإعجازية في شخص الرسول - صلى الله عليه وسلم - تبقى سيرته نهرًا مغداقًا، يغترف منه يراع صاحب كل فكر؛ ليخرج منه برؤيةٍ جديدة، وزاوية يرى منها ملمحًا إعجازيًّا بشريًّا ونبويًّا يلفت الأنظار، ويدهش العقول.
ومع كثيرٍ ممن تناولوا معجزات النبي - صلى الله عليه وسلم - في الرحمة والأخلاق وغيرهما، يقف الثبات شاهدًا آخر على هذا الإعجاز، حين يرصده خالد محمد خالد فيقول[1]: (ومع الصدق، تجيء معجزة أخرى من المعجزات الأصيلة والخليقة بالتقدير، متمثلة في هذا القدر الباهر من الثبات والمثابرة: ثبات الرسول وثبات أصحابه العُزل والمستضعفين.
كان ثبات سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وكان إصراره ومُثابرته، ثم من بعد ذلك كله أو معه، كانت تضحياته المتألقة، والمتفوقة، تصنع وتصوغ وتكتب تاريخًا جديدًا لشرف الإنسان، وشرف الإيمان، ولقد يبلغ رجل ما من الرجال أعلى وأسمى آفاق الثبات والتضحية والمُثابرة، نتيجة احتوائه على قدرات عقلية ونفسية هائلة، أما أن ينتقل نفس القدر من التضحية والثبات والمثابرة إلى الآخرين الذين لا يمتلكون مثل قُدرات نفسه وعقله وروحه، والذين لا يدفعهم من دوافع الدنيا وطموحاتها أي دافع، والذين يرسلون خواطرهم نحو المجهول، فلا يجدون على جانبيه إلا أخطارًا مُحدقة، وشدائد مبرحة، ومِحَنًا تزحم الطريق الطويل، أقول: أما أن يحدث، فالأمر إذًا أمر إعجاز فريد، بقدر ما هو مجيد، أقول: أمَّا يتصدر صفوف المبكرين بالإسلام ثُلةٌ من صفوة قريش وحكمائها، معرضين شرفهم الرفيع وجاهَهم العريض، وزعامتهم، ومكانتهم لإسفاف المشركين وسفالاتهم، وكيدهم الأحمق، وأذاهم المسعور، دون أن يكون هناك مغانم ينتظرونها، وأماني يترقبون مجيئها، واثقين - لا غير - بكلمة واحدة واعدة همس بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في آذانهم: الجنَّة!! فهذا إعجاز آخر، ولن يكون الأخير!!".
وهذا الثبات هو ما يعول عليه أبو عبدالرحمن سلطان عليّ[2]، فيثبت أن إعجاز الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان في كماله الأخلاقي الذي بلغ ذِروته في توازنه الأخلاقي - صلى الله عليه وسلم - فيقول: (بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذروة الكمال الإنساني في سائر أخلاقه وخصاله، وفي جميع جوانب حياته، وهو وجهٌ آخر من وجوه إعجازه الأخلاقي، أما أهم ما يميز كماله - صلى الله عليه وسلم - فهو التوازن في أخلاقه، فهو رحيم دون ضَعف، متواضع بغير ذِلة، محاربٌ لا يغدر، سياسيٌّ لا يكذب، يستخدم الحيلة في الحرب، ولكن لا ينقض العهود والمواثيق، آمن خصومه بصدقه وأمانته، يجمع بين التوكل والتدبير، وبين العبادة والعمل، وبين الرحمة والحرب).
والمقصود أن صفات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخصائصه تعمل ضمن منظومة متناسقة متناغمة، تتشابك جميعها لتأدية أغراضها، فلا تتوسع صفة أو تقوى على حساب أخرى، ولا تعمل إحداها ضد الصفة التي تقابلها، ووجه العظمة يتجلى من خلال الموازنة مع الناجحين في الحياة؛ كالمشاهير والأبطال، والحكماء والمصلحين، على سائر الأزمان واختلاف المكان؛ حيث يقتصر نجاحهم ونبوغهم على مجالاتٍ وميادين معينة، فهذا في السياسة، وذاك في الأدب، والآخر في الرياضة مثلاً، ولكنهم يفشلون في غيرها، وقد تكون أكثر أهمية منها، وقد تجد الرئيس الناجح في إدارة شؤون دولته المترامية الأطراف غير أنه فاشل في إدارة بيته مثلاً.
ومظهرٌ آخر للتوازن هو ثبات أخلاقه، فرسول الله محمد هو نفسه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رضاه وغضبه، وفي سلمه وحربه، وفي عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وفي بيته وسوقه ومسجده، مع أزواجه وأولاده، ومع أصحابه، وفي جميع أحواله وشؤونه، وهذا الثبات قليلٌ في الناس أو نادر، فترى الشخص في رضاه فإذا ما غضب صار شخصًا آخر كأنه ليس هو، وترى الشخص ضحَّاكًا بسَّامًا بين زملائه، فإذا دخل بيته عبس وبسر، وتتعرف على الرجل في الحضر، فتراه في وجه، ويجمعك به السفر، فيسفر لك عن وجه آخر، وترى زعيمًا ما يفيض في السلم رقة وحنانًا، فإذا ما اشتعلت الحرب تحوَّل إلى وحشٍ فاتك! وترى السخي الجوَاد في الرخاء، فإذا أصابته شدة ضنَّ بماله، وأمسك عن الإنفاق، أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كان سخيًّا نديًّا في سائر أحواله، وكان رحيمًا في سائر أحواله، وعلى ذلك فقسْ بقية الشمائل المحمدية، وسيرته - صلى الله عليه وسلم - غنية بالأمثلة والشواهد التي تدلُّ على توازنه الخلقي.
إن الثبات الأخلاقي للرسول - صلى الله عليه وسلم - معجزة؛ لأنه فرعٌ من الثبات العام في شخص الرسول النبي القائد، والذي به استطاع أن يؤثر في كل من تبِع الرسالة الخاتمة، وأخلص في السير على نهجها، وتتبدى أهمية الثبات من خلال تلك النقاط[3]:
أ- الثبات دلالة سلامة المنهج وداعية إلى الثقة.
ب- الثبات مرآة لشخصية المرء ومطمئن لمن حوله.
ج- الثبات ضريبة الطريق إلى المجد والرفعة في الدنيا والآخرة.
د- الثبات طريقٌ لتحقيق الأهداف.
فمن ثبات القائد تتعلم الرعية الثبات، وقد ظهر ذلك جليًّا في حياة النواة الأولى من المسلمين بمكة حين تَحَالَفَتْ قُرَيْش ٍوَكِنَانَةَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ، أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَلا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ؛ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم.
ورغم كل هذه الضغوط، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يربي المسلمين في الحصار على ضرورة الثبات، ويقودهم لدعوة الوافدين في مواسم الحج مؤكدًا تربيته لأصحابه على ضرورة استمرار الدعوة مهما ضاقت الظروف، وقلَّت الموارد[4].
نعم، لقد كان الحصار وسيلة الضغط على المسلمين بقيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وعلى المتعاطفين معهم كانت مؤلمة، إلا أن الثبات والصبر على المبدأ وقوة إيمان المسلمين، ثبَّتهم أمام هذه المقاطعة العامة[5].
ويشهد على ثباته - صلى الله عليه وسلم - رفضه لما عرضه عليه رؤساء قريش ذات يوم عند ظهر الكعبة، وهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبو سفيان بن حرب، ورجلٌ من بني عبد الدار، وأبو البختري أخو بني أسد، والأسود بن المطلب بن أسد، وزمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام، وعبدالله بن أبي أُمية، وأُمية بن خلف، والعاص بن وائل، ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميين، فقالوا: "يا محمد، إنا قد بعثنا إليك لنُكلمك، وأنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل على قومه مثل ما أدخلت على قومك، لقد شتمـت الآباء وعبت الدين، وشتمت الآلهة، وسفَّهت الأحلام، وفرقت الجماعة، فما بقي أمر قبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً، جمعنا لك من أموالنا؛ حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا، فنحننُسَوِّدُكعلينا، وإن كنت تريد به مُلكًا، ملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن رئيًا - فربما كان ذلك، بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك؛ حتى نُبرئك منه أو نعذر فيك، فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: "مَا بِي مَا تَقُولُونَ مَا جِئْتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُب أَمْوَالكُمْ وَلَا الشَّرَف فِيكُمْ وَلَا الْمُلْك عَلَيْكُمْ وَلَكِنَّ اللَّه بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولًا وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُون لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَات رَبِّي وَنَصَحْت لَكُمْ فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِر لِأَمْرِ اللَّه حَتَّى يَحْكُم اللَّه بَيْنِي وَبَيْنكُمْ"، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم.
وقد سبقت تلك المحاولة الفاشلة محاولات أخرى من سلسلة الإغراءات والعذابات التي لقِيها الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا غير محاولة أبي جهل قتله وهو ساجد يصلي، ولم يَفُتَّ في عَضُده.
يقول أبو الحسن الندوي[6] معلقًا على عروض أهل الشرك السخية: "... أما قالوا له على لسان عتبة وهم ما عرفوا الإغراء السياسي: إن كنت إنما بك الرياسة، عقدنا ألويتنا لك، فكنت رأسًا ما بقيت".
نعم، هم لم يعرفوا الإغراء السياسي، ولكن عرفوا ضعف النفس البشرية ومطامعها، فحدثوه باللغة التي يجيدون التعامل بها كتجار في بلد حرفته المساومات والمزايدات التجارية، حدثوه عن أمرين يعرفون تمامًا من خلال معرفتهم بإنسان الحضارات السابقة المجاورة لهم، وإنسان البلدان التي يسافرون إليها صيفًا وشتاءً، أنه يُقاتل ويُقْتل من أجلهما، ألا وهما: المال والسيادة، تتحارب حولهما الدنيا، فكانت الثورات، والانقلابات والاغتيالات، والدسائس، والفتن، والمؤامرات، من قديم الأزل وحتى الآن، إلا عند المال والسيادة؛ أي: السلطة هو الإنسان كما هو لم يتغير، منذ العصر البدائي حتى عصر التكنولوجيا، وثورة المعلومات، وحـرب النجوم، وأسلحة الدمار الشامل.
المال والمنصب؛ أي: الغني والسلطة "السيادة"، سلاحان لهما بريق السحر يَخطَفان العقول والعيون، ويحركان لعاب المطامع في الحلوق، ويُنسيان طالبهما أجَلَّ المبادئ والقيم، حتى إنه ليؤثر السلامة عائدًا إلى بيته؛ ليلتحف بالخـز والدمقس، وكافة الأزياء اليمانية والشامية، شأنه في هذا شأن أصحاب الزوابع السياسية التي تموت في مهدها بعد التفاوض على المكاسب الشخصية؛ أي: بعد أن استأنس أصحاب الثروات أصحاب الثورات.
قد كان المتصور من باب الحكمة والسياسة الشرعية أن يقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم الزعامة والملك، ثم يتخذها وسيلة إلى تحقيق دعوة الإسلام فيما بعد، ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرض مثل هذه السياسة والوسيلة إلى دعوته؛ لأن ذلك ينافي مبادئ الدعوة نفسها ومبادئه أيضًا - صلى الله عليه وسلم.
يقول المستشرق الإيطالي ميخائيل إيماري[7]: "وحسب محمد ثناءً عليه أنه لم يساوم، ولم يقبل المساومة لحظةً واحدة في موضوع رسالته على كثرة فنون المساومة واشتداد المحن، عقيدةً راسخة، وثبات لا يُقاس بنظير، وهمَّة تركت العرب مدينين لمحمد بن عبدالله؛ إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشر".
لقد عاش - صلى الله عليه وسلم - المحاولات القرشية كلها وبنوعيها؛ سواء الأذى والاضطهاد والاتهام، والغمز بالقول والتمادي لمحاولة إيذاءه بدنيًّا، أدناها قومتهم عليه قومة رجل واحد، وأعلاها التخطيط لقتله أكثـر من مـرة وهو الأب والزوج، ولديه بناته يخاف عليهنَّ إن مسه أذًى، فلمن سيتركهن؟ والدعوة في مهدها، وأمامه محاولات إغرائه بالمال والسيادة، وتأمين أسرته ماديًّا ومعنويًّا في سبيل دعوة يعلم أنه سيعاني أشد العناء لتعلو كلمة الله في مكة وما حولها.
جن جنون قريش بعد أن صدمها ثباته - صلى الله عليه وسلم - فلم تَلِن عزيمته، ولم تَضعُف قوته، ولم يستسلم!
يقول توفيق الحكيم[8]: "فوسيلة النبي الأولى وخطوته التي نزل بها الميدان، هى إقناع ذلك الخصم الصاخب من الخلق أنه مجرد عن الغايات الدنيوية، وهنا كانت قوته، فإن أمضى سلاح في يد رجل يريد أن يقارع البشر، هو أن يواجه البشر بيدٍ خاليةٍ من مطامع البشر".
وهذا سر قوته - صلى الله عليه وسلم - وسر إعجازه كذلك، أن يشعر قارئ سيرته - صلى الله عليه وسلم - أنه أمام قوة وجبروت قريش كان دائمًا هو الأقوى، بل من سر إعجازه - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموقف هو ما يرصده غير المسلم، فيلفته إلى حقيقة وعظمة هذا الرسول، فيكون سببًا في هدايته وعودته إلى الحق، فيقول الدكتور م. ج. دراني[9] عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - معجبًا ومشدوهًا: "لم يتزحزح شعرة عن موقفه، وكان صامدًا، رابط الجأش، صلبًا في أهدافه وموقفه، عرض عليه قومه أن ينصبوه ملكًا عليهم وأن يضعوا عند قدميه كل ثروات البلاد إذا كف عن الدعوة إلى دينه ونشر رسالته، فرفض هذه الإغراءات كلها اختار بدلاً من ذلك أن يعاني من أجل دعوته، لماذا؟ لماذا لم يكترث أبدًا للثروات والجاه والملك، والمجد والراحة والدعة والرخاء؟ لا بد أن يفكر المرء في ذلك بعمق شديد إذا أراد أن يصل إلى جواب عليه".
وتشهد "حُنَيْن" ثباته - صلى الله عليه وسلم - حين سبق إلى موقع النزال مالك بن عوف، وكمن بجيشه لجيش المسلمين في الشعاب والمداخل؛ لينقضوا عليهم في مفاجأة روعت جحافل المسلمين الذين أقفلوا راجعين، وكادت هذه المعركة تشهد نهاية الإسلام والمسلمين، لولا أن ثبتَ لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين انحاز جهة اليمين وهو يقول: "هَلُمُّوا إليَّ أيها الناس، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبدالله"، ولم يبقَ معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار، ثم بدأ يركض بغلته مقبلاً على الكفار وهو يصيح قائلاً: "أنــا النبي لا كَذِب، أنا ابن عبدالمطلب".
لتدور الدائرة على مَن ظن أن النصر حليفهم، وأن البحر نهاية هزيمة المسلمين، وما كان ذلك كذلك إلا بفضل ثباته - صلى الله عليه وسلم - وحده، ووقوفه أمام جيش الكفار وحده.
ولعل من هذا الثبات يتعلم المسلم سر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ"[10].
والذي كان يقوله في صلاته[11]، وأوصى به أصحابه ومنهم شداد الذي خاطبه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "يَا شَدَّادُ بْنَ أَوْسٍ،إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اكْتَنَزُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، فَاكْنِزْ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ".
هذا هو نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي جمع زبدة الفضائل الإنسانية، واستجمع جميع مؤهلات قيادة البشـرية، الآية في صفاته النادرة، النموذج الكامل للفضيلة والخير، رمز الصدق والإخلاص.
ولن يسعَ من يدرس حياته ورسالته - صلى الله عليه وسلم - من أهل الفكر من شتى الأجناس، وعلى اختلاف المشارب - دون تحيُّز - إلا أن يشهد أنه حقًّا رسول من عند الله، وأن القرآن الذي جاء به للناس هو كتاب الله حقًّا، بل إنه - صلى الله عليه وسلم - أعظم شخصية عرفتها البشـرية، فحياته وأفكاره وصدقه واستقامته، وتقواه وجُوده، وعقيدته ومنجزاته - صلى الله عليه وسلم - تقف براهين فريدة على أنه بحق معجزةٌ؛ في نبوته، في أبوته، في قيادته، في رحمته، في عزمه، في ثباته - صلى الله عليه وسلم.
[1] خالد محمد خالد؛ الإسلام ينادي البشر إلى هذا الرسول، ص 144.
[2] أبو عبدالرحمن سلطان علي؛ رياض النعيم في ظل الرحمن الرحيم، ص 27.
[3] الدكتور محمد حسن موسى؛ الثبات ص 25 - 27.
[4] الدكتور راجح الكردي؛ شعاع من السيرة ص 146.
[5] الدكتور محمد أبو فارس؛ السيرة النبوية دراسة تحليلية ص 166.
[6] أبو الحسن الندوي؛ ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ ص111.
[7] ميخائيل إيماري Amari: ولد في بالرمو بإيطاليا عام 1806 م، وتوفي في فلورنسا عام 1899 م، مستشرق إيطالي تعلم اللغات الشرقية ومن ضمنها العربية في باريس، وتخصص بالعربية وآدابها وتاريخها؛ (تاريخ المسلمين في صقلية).
[8] توفيق الحكيم؛ تحت شمس الفكر ص 34.
[9] الدكتور م. ج. دُراني Dr. M. H. Durrani سليل أسرة مسلمة منذ القدم، أصبح نصرانيًّا في فترة مبكرة من حياته، وتحت تأثير إحدى المدارس التبشيرية المسيحية، وقضى ردحًا من حياته في كنيسة إنكلترا؛ حيث عمل قسيسًا منذ عام 1939 وحتى عام 1963؛ حيث جاءه الإسلام "كما يأتي فصل الربيع"، فعاد إلى دين آبائه وأجداده.
[10] أخرجه أحمد، والترمذي، كتاب الدعوات، والنسائي، كتاب السهو، ومصنف ابن أبي شيبة، والطبراني في المعجم الكبير بلفظه، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وحسنه شعيب الأرناؤوط في صحيح ابن حبان، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة في المجلد السابع، برقم 3228، وفي صحيح موارد الظمآن، برقم 2416، 2418، وقال: (صحيح لغيره).
[11] أخرجه النسائي، برقم 1304، والطبراني في المعجم الكبير، 7/ 294، برقم 7178، ورقم 7179، ورقم 7180، وابن حبان في صحيحه، 5/ 310، وقال الألباني في صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان: (صحيح لغيره).
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Sharia/0/50987/#ixzz2LvCVpJrx
الخميس، 21 فبراير 2013
’’ الثبات’’ .. معجزته صلى الله عليه وسلم بقلم السيد إبراهيم أحمد | دنيا الرأي
’’ الثبات’’ .. معجزته صلى الله عليه وسلم بقلم السيد إبراهيم أحمد | دنيا الرأي
على كثرة ما كتب المفكرون عن المناحي الإعجازية فى شخص الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تبقى سيرته نهرًامغداقُا، يغترف منه يراع صاحب كل فكر ليخرج منه برؤيةٍ جديدة، وزاوية يرى منها ملمحًا إعجازيًا بشريًا ونبويًا يلفت الأنظار، ويدهش العقول.
ومع كثيرٌ ممن تناولوا معجزات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الرحمة والأخلاق وغيرهما، يقف الثبات شاهدًا آخرعلى هذا الإعجاز، حين يرصده خالد محمد خالد فيقول (1) : (ومع الصدق، تجيء معجزة أخرى من المعجزات الأصيلة، والخليقة بالتقدير، متمثلة فى هذا القدرالباهر من الثبات والمثابرة.. ثبات الرسول وثبات أصحابه العُزل والمستضعفين .. كان ثبات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكان إصراره ومُثابرته .. ثم من بعد ذلك كله أو معه ، كانت تضحياته المتألقة ، والمتفوقة ، تصنع وتصوغ وتكتب تاريخاً جديداً لشرف الإنسان .. وشرف الإيمان .. و لقد يبلغ رجل ما من الرجال أعلى وأسمى آفاق الثبات والتضحية والمُثابرة نتيجة احتوائه على قدرات عقلية و نفسية هائلة .. أما أن ينتقل نفس القدر من التضحية والثبات والمثابرة إلى الآخرين الذين لايمتلكون مثل قُدرات نفسه وعقله وروحه.. والذين لايدفعهم من دوافع الدنيا و طموحاتها أى دافع ، والذين يرسلون خواطرهم نحو المجهول ، فلا يجدون على جانبيه إلا أخطاراً محدقة .. وشدائد مبرحة.. ومحناً تزحم الطريق الطويل، أقول : أمَّا أن يحدث ، فالأمر إذن أمر إعجاز فريد، بقدرما هو مجيد..أقول : أمَّا يتصدر صفوف المبكرين بالإسلام ثُلةٌ من صفوة قريش وحكمائها .. معرضين شرفهم الرفيع و جاههم العريض ، وزعامتهم ، و مكانتهم لإسفاف المشركين و سفالاتهم ، وكيدهم الأحمق ، وأذاهم المسعور .. دون أن يكون هناك مغانم ينتظرونها ، وأمانىَُّ يترقبون مجيئها ، واثقين ـ لاغير ـ بكلمة واحدة واعدة همس بها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى آذانهم : الجنَّة .. !! .. فهذا إعجاز آخر.. ولن يكون الأخير ..!!"
وهذا الثبات هو مايعول عليه أبو عبد الرحمن سلطان عليّ (2) فيثبت أن إعجازالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان في كماله الأخلاقي الذى بلغ ذروته في توازنه الأخلاقي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فيقول : (بلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذروة الكمال الإنساني في سائر أخلاقه وخصاله وفي جميع جوانب حياته، وهو وجهٌ آخر من وجوه إعجازه الأخلاقي أما أهم مايميز كماله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فهو التوازن في أخلاقه.. فهو رحيم دون ضعف، متواضع بغير ذلة، محاربٌ لا يغدر، سياسيٌّ لا يكذب، يستخدم الحيلة في الحرب ولكن لا ينقض العهود والمواثيق، آمن خصومه بصدقه وأمانته، يجمع بين التوكل والتدبير، وبين العبادة والعمل، وبين الرحمة والحرب).
والمقصود أن صفات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخصائصه تعمل ضمن منظومة متناسقة متناغمة، تتشابك جميعها لتأدية أغراضها، فلا تتوسع صفة أو تقوى على حساب أخرى، ولا تعمل إحداها ضد الصفة التي تقابلها. ووجه العظمة يتجلى من خلال الموازنة مع الناجحين في الحياة كالمشاهير والأبطال والحكماء والمصلحين على سائر الأزمان واختلاف المكان، حيث يقتصر نجاحهم ونبوغهم على مجالاتٍ وميادين معينة، فهذا في السياسة، وذاك في الأدب، والآخر في الرياضة مثلاً، ولكنهم يفشلون في غيرها، وقد تكون أكثر أهمية منها، وقد تجد الرئيس الناجح في إدارة شؤون دولته المترامية الأطراف غير إنه فاشل في إدارة بيته مثلاً.
ومظهرٌ آخر للتوازن هو ثبات أخلاقه، فرسول الله محمد هونفسه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رضاه وغضبه، وفي سلمه وحربه، وفي عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وفي بيته وسوقه ومسجده، مع أزواجه وأولاده، ومع أصحابه، وفي جميع أحواله وشؤونه. وهذا الثبات قليلٌ في الناس أو نادر، فترى الشخص في رضاه فإذا ما غضب صار شخصًا آخر كأنه ليس هو، وترى الشخص ضحَّاكًا بسَّامًا بين زملائه فإذا دخل بيته عبس وبسر، وتتعرف على الرجل في الحضر فتراه في وجه، ويجمعك به السفر فيسفرُ لك عن وجه آخر، وترى زعيمًا ما يفيض في السلم رقة وحنانا فإذا ما اشتعلت الحرب تحول إلى وحشٍ فاتك! وترى السخي الجواد في الرخاء فإذا أصابته شدة ضنَّ بماله، وأمسك عن الإنفاق، أما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان سخيًا نديًا في سائر أحواله، وكان رحيمًا في سائر أحواله، وعلى ذلك فقسْ بقية الشمائل المحمدية، وسيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ غنية بالأمثلة والشواهد التي تدلُّ على توازنه الخلقى.
أن الثبات الأخلاقى للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ معجزة لأنه فرعُ من الثبات العام فى شخص الرسول النبي القائد والذي به استطاع أن يؤثر في كل من تبع الرسالة الخاتمة وأخلص في السير على نهجها. و تتبدى أهمية الثبات من خلال تلك النقاط (3):
أ- الثبات دلالة سلامة المنهج وداعية إلى الثقة .
ب- الثبات مرآة لشخصية المرء ومطمئن لمن حوله .
ج- الثبات ضريبة الطريق إلى المجد والرفعة في الدنيا والآخرة .
د- الثبات طريقٌ لتحقيق الأهداف .
فمن ثبات القائد تتعلم الرعية الثبات وقد ظهر ذلك جليًا فى حياة النواة الأولى من المسلمين بمكة حين تَحَالَفَتْ قُرَيْش ٍوَكِنَانَةَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ورغم كل هذه الضغوط فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يربي المسلمين في الحصار على ضرورة الثبات ويقودهم لدعوة الوافدين في مواسم الحج مؤكدًا تربيته لأصحابه على ضرورة استمرار الدعوة مهما ضاقت الظروف، وقلَّت الموارد (4).
نعم .. لقد كان الحصار وسيلة الضغط على المسلمين بقيادة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى المتعاطفين معهم كانت مؤلمة إلا أن الثبات والصبر على المبدأ وقوة إيمان المسلمين ثبتهم أمام هذه المقاطعة العامة(5). .
ويشهد على ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ رفضه لما عرضه عليه رؤساء قريش، ذات يوم عند ظهر الكعبة، وهم عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبو سفيان بن حرب ورجلٌ من بني عبد الدار، وأبو البختري أخو بني أسد، والأسود بن المطلب بن أسد و زمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية ، وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيه ومنبه ابني الحجاج السهميين فقالوا : "يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنكلمك، وأنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل علي قومه مثل ما أدخلت علي قومك، لقد شتمـت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة فما بقي أمرقبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك. فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا، فنحن نُسَوّدُك علينا، وإن كنت تريد به مُلكًاملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه قد غلب عليك – وكانوا يسمون التابع من الجن رئيًا – فربما كان ذلك ، بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك، فقال لهم صلى الله عليه وسلم : ’’مَا بِي مَا تَقُولُونَ مَا جِئْتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُب أَمْوَالكُمْ وَلَا الشَّرَف فِيكُمْ وَلَا الْمُلْك عَلَيْكُمْ وَلَكِنَّ اللَّه بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولًا وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُون لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَات رَبِّي وَنَصَحْت لَكُمْ فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِر لِأَمْرِ اللَّه حَتَّى يَحْكُم اللَّه بَيْنِي وَبَيْنكُمْ ’’ أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
وقد سبقت تلك المحاولة الفاشلة محاولات أخرى من سلسلة الإغراءات والعذابات التي لقيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا غيرمحاولة أبى جهل قتله وهو ساجد يصلي، ولم يَفُتَ في عضده.
يقول أبو الحسن الندوي (6) معلقًا على عروض أهل الشرك السخية : "…أما قالوا له علي لسان عتبة وهم ما عرفوا الإغراء السياسي: إن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأساً ما بقيت".
نعم.. هم لم يعرفوا الإغراء السياسي، ولكن عرفوا ضعف النفس البشرية ومطامعها فحدثوه باللغة التي يجيدون التعامل بها كتجار في بلد حرفته المساومات والمزايدات التجارية، حدثوه عن أمرين يعرفون تمامًا من خـــلال معرفتهم بإنسان الحضارات السابقة المجاورة لهم وإنسان البلدان التي يسافرون إليها صيفًا وشتاء أنه يُقاتــل ويُقْتل من أجلهما ألا وهما : المال والسيادة، تتحارب حـولهما الدنيا فكانت الثورات، والإنقلابات والاغتيالات، والدسائس، والفتن، والمؤامرات، من قديم الأزل وحتى الآن، إلا عند المال والسيادة أي السلطة هو الإنسان كما هو لم يتغير، منذ العصر البدائي حتى عصر التكنولوجيا، وثورة المعلومات وحـرب النجوم ، وأسلحة الدمار الشامل.
المال والمنصب أي الغني والسلطة "السيادة" سلاحان لهما بريق السحر يخطفان العقول والعيون ويحركان لعاب المطامع في الحلوق ويُنسيان طالبهما أجَلَّ المبادئ والقيم حتى أنه ليؤثر السلامة عائدًا إلى بيته ليلتحف بالخـز والدمقس وكافة الأزياء اليمانية والشامية شأنه في هذا شأن أصحاب الزوابع السياسية التي تموت في مهدها بعد التفاوض على المكاسب الشخصية، أي بعد أن استأنس أصحاب الثروات أصحاب الثورات.
قد كان المتصور من باب الحكمة والسياسة الشرعية أن يقبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم الزعامة والملك، ثم يتخذها وسيلة إلى تحقيق دعوة الإسلام فيما بعد، ولكن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يرض مثل هذه السياسة والوسيلة إلى دعوته، لأن ذلك ينافي مباديء الدعوة نفسها ومبادئه أيضًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
يقول المستشرق الإيطالى ميخائيل إيمارى (7) : "وحسب محمد ثناءً عليه أنه لم يساوم، ولم يقبل المساومة لحظة ً واحدة فى موضوع رسالته على كثرة فنون المساومة واشتداد المحن ..عقيدة ً راسخة، وثبات لايُقاس بنظير، وهمةٍ تركت العرب مدينين لمحمد بن عبدالله .. إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشر".
لقد عاش ـ صلى الله عليه وسلم ـ المحاولات القرشية كلها وبنوعيها سواء الأذى والاضطهاد والإتهام والغمز بالقول والتمادي لمحاولة إيذاءه بدنيًا، أدناها قومتهم عليه قومة رجل واحد وأعلاها التخطيط لقتله أكثـر من مـرة وهو الأب والزوج ولديه بناته يخاف عليهنَّ أن مسه أذي فلمن سيتركهنًّ؟.. والدعوة في مهدهـا، وأمامه محاولات إغراءه بالمال والسيادة وتأمين أسرته ماديًا ومعنويًا في سبيل دعوة يعلم أنه سيعاني أشد العناء لتعلو كلمة الله في مكة وما حولها.
جن جنون قريش بعد أن صدمها ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم تلن عزيمته، ولم تضعف قوته، ولم يستسلم!
يقول توفيق الحكيم (8): "فوسيلة النبي الأولىَ وخطوته التى نزل بها الميدان هى إقناع ذلك الخصم الصاخب من الخلق أنه مجرد عن الغايات الدنيوية، وهنا كانت قوته .. فإن أمضىَ سلاح فى يد رجل يريد أن يقارع البشر، هو أن يواجه البشر بيدٍ خاليةٍ من مطامع البشر".
وهذا سر قوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسر إعجازه كذلك، أن يشعر قاريء سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أمام قوة وجبروت قريش كان دائمًا هو الأقوى، بل من سر إعجازه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى هذا الموقف هو مايرصده غير المسلم فيلفته إلى حقيقة وعظمة هذا الرسول فيكون سببًا فى هدايته وعودته إلى الحق فيقول الدكتور م. ج. دُرّاني(9) عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ معجبًا ومشدوهًا : "لم يتزحزح شعرة عن موقفه، وكان صامدًا، رابط الجأش، صلبًا في أهدافه وموقفه. عرض عليه قومه أن ينصبوه ملكًا عليهم وأن يضعوا عند قدميه كل ثروات البلاد إذا كف عن الدعوة إلى دينه ونشر رسالته. فرفض هذه الإغراءات كلها اختار بدلاً من ذلك أن يعاني من أجل دعوته. لماذا؟ لماذا لم يكترث أبدًا للثروات والجاه والملك والمجد والراحة والدعة والرخاء؟ لا بد أن يفكر المرء في ذلك بعمق شديد إذا أراد أن يصل إلى جواب عليه".
وتشهد "حُنَيْنٍ" ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين سبق إلى موقع النزال مالك بن عوف وكمن بجيشه لجيش المسلمين في الشعاب والمداخل، لينقضوا عليهم في مفاجأة روعت جحافل المسلمين الذين أقفلوا راجعين، وكادت هذه المعركة تشهد نهاية الإسلام والمسلمين، لولا أن ثبتَ لها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين انحاز جهة اليمين وهو يقول: ’’هَلُمُّوا إليَّ أيها الناس، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد اللّه’’ ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار، ثم بدأ يركض بغلته مقبلاً على الكفار وهو يصيح قائلاً: ’’أنــا النبي لا كَذِبْ .. أنا ابن عبد المطلب’’ .. لتدور الدائرة على من ظن أن النصر حليفهم، وأن البحر نهاية هزيمة المسلمين، وما كان ذلك كذلك إلا بفضل ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحده، ووقوفه أمام جيش الكفاروحده.
ولعل من هذا الثبات يتعلم المسلم سر دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ’’اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ’’(10).. والذي كان يقوله في صلاته(11)، وأوصى به أصحابه ومنهم شداد الذي خاطبه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ’’يَا شَدَّادُ بْنَ أَوْسٍ، إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اكْتَنَزُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَاكْنِزْ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ’’.
هذا هو نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذى جمع زبدة الفضائل الإنسانية، واستجمع جميع مؤهلات قيادة البشـرية، الآية في صفاته النادرة، النموذج الكامل للفضيلة والخير، رمز الصدق والإخلاص.
ولن يسعَ من يدرس حياته ورسالته ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهل الفكر من شتى الأجناس، وعلى اختلاف المشارب ـ دون تحيّزـ إلا أن يشهد أنه حقًا رسول من عند الله، وأن القرآن الذي جاء به للناس هو كتاب الله حقًا. بل أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعظم شخصية، عرفتها البشـرية؛ فحياته وأفكاره وصدقه واستقامته، وتقواه وجوده، وعقيدته ومنجزاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ تقف براهين فريدة على أنه بحق معجزةٌ : فى نبوته، فى أبوته، فى قيادته، فى رحمته، فى عزمه، في ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خالد محمد خالد، الإسلام ينادى البشر إلى هذا الرسول ص 144.
(2) أبو عبد الرحمن سلطان على ، رياض النعيم في ظل الرحمن الرحيم ص 27.
(3) الدكتور محمد حسن موسى ، الثبات ص 25-27
(4) الدكتور راجح الكردى ، شعاع من السيرة ص 146.
(5) الدكتور محمد أبو فارس ، السيرةالنبوية دراسة تحليلية ص 166.
(6) أبى الحسن الندوى ، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص111.
(7) ميخائيل اماري Amari . ولد في بالرمو بايطاليا عام 1806 م ، وتوفي في فلورنسا عام 1899 م. مستشرق ايطالي تعلم اللغات الشرقية ومن ضمنها العربية في باريس وتخصص بالعربية وآدابها وتاريخها: ( تاريخ المسلمين في صقلية ) .
(8) توفيق الحكيم ، تحت شمس الفكر ص 34.
(9)الدكتور م. ج. دُرّاني Dr. M. H. Durrani سليل أسرة مسلمة منذ القدم، أصبح نصرانيًا في فترة مبكرة من حياته وتحت تأثير إحدى المدارس التبشيرية المسيحية، وقضى ردحًا من حياته في كنيسة إنكلترا، حيث عمل قسيسًا منذ عام 1939 وحتى عام 1963 حيث جاءه الإسلام "كما يأتي فصل الربيع"، فعاد إلى دين آبائه وأجداده.
(10) أخرجه أحمد، والترمذي، كتاب الدعوات، والنسائي، كتاب السهو، ومصنف ابن أبي شيبة، والطبراني في المعجم الكبير بلفظه، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وحسنه شعيب الأرنؤوط في صحيح ابن حبان، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة في المجلد السابع، برقم 3228، وفي صحيح موارد الظمآن، برقم 2416، 2418، وقال: (صحيح لغيره).
(11) أخرجه النسائي، برقم 1304، والطبراني في المعجم الكبير، 7/ 294، برقم 7178، ورقم 7179، ورقم 7180، وابن حبان في صحيحه، 5/ 310، وقال الألباني في صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان : (صحيح لغيره).
على كثرة ما كتب المفكرون عن المناحي الإعجازية فى شخص الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تبقى سيرته نهرًامغداقُا، يغترف منه يراع صاحب كل فكر ليخرج منه برؤيةٍ جديدة، وزاوية يرى منها ملمحًا إعجازيًا بشريًا ونبويًا يلفت الأنظار، ويدهش العقول.
ومع كثيرٌ ممن تناولوا معجزات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الرحمة والأخلاق وغيرهما، يقف الثبات شاهدًا آخرعلى هذا الإعجاز، حين يرصده خالد محمد خالد فيقول (1) : (ومع الصدق، تجيء معجزة أخرى من المعجزات الأصيلة، والخليقة بالتقدير، متمثلة فى هذا القدرالباهر من الثبات والمثابرة.. ثبات الرسول وثبات أصحابه العُزل والمستضعفين .. كان ثبات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكان إصراره ومُثابرته .. ثم من بعد ذلك كله أو معه ، كانت تضحياته المتألقة ، والمتفوقة ، تصنع وتصوغ وتكتب تاريخاً جديداً لشرف الإنسان .. وشرف الإيمان .. و لقد يبلغ رجل ما من الرجال أعلى وأسمى آفاق الثبات والتضحية والمُثابرة نتيجة احتوائه على قدرات عقلية و نفسية هائلة .. أما أن ينتقل نفس القدر من التضحية والثبات والمثابرة إلى الآخرين الذين لايمتلكون مثل قُدرات نفسه وعقله وروحه.. والذين لايدفعهم من دوافع الدنيا و طموحاتها أى دافع ، والذين يرسلون خواطرهم نحو المجهول ، فلا يجدون على جانبيه إلا أخطاراً محدقة .. وشدائد مبرحة.. ومحناً تزحم الطريق الطويل، أقول : أمَّا أن يحدث ، فالأمر إذن أمر إعجاز فريد، بقدرما هو مجيد..أقول : أمَّا يتصدر صفوف المبكرين بالإسلام ثُلةٌ من صفوة قريش وحكمائها .. معرضين شرفهم الرفيع و جاههم العريض ، وزعامتهم ، و مكانتهم لإسفاف المشركين و سفالاتهم ، وكيدهم الأحمق ، وأذاهم المسعور .. دون أن يكون هناك مغانم ينتظرونها ، وأمانىَُّ يترقبون مجيئها ، واثقين ـ لاغير ـ بكلمة واحدة واعدة همس بها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى آذانهم : الجنَّة .. !! .. فهذا إعجاز آخر.. ولن يكون الأخير ..!!"
وهذا الثبات هو مايعول عليه أبو عبد الرحمن سلطان عليّ (2) فيثبت أن إعجازالرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان في كماله الأخلاقي الذى بلغ ذروته في توازنه الأخلاقي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فيقول : (بلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذروة الكمال الإنساني في سائر أخلاقه وخصاله وفي جميع جوانب حياته، وهو وجهٌ آخر من وجوه إعجازه الأخلاقي أما أهم مايميز كماله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، فهو التوازن في أخلاقه.. فهو رحيم دون ضعف، متواضع بغير ذلة، محاربٌ لا يغدر، سياسيٌّ لا يكذب، يستخدم الحيلة في الحرب ولكن لا ينقض العهود والمواثيق، آمن خصومه بصدقه وأمانته، يجمع بين التوكل والتدبير، وبين العبادة والعمل، وبين الرحمة والحرب).
والمقصود أن صفات رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وخصائصه تعمل ضمن منظومة متناسقة متناغمة، تتشابك جميعها لتأدية أغراضها، فلا تتوسع صفة أو تقوى على حساب أخرى، ولا تعمل إحداها ضد الصفة التي تقابلها. ووجه العظمة يتجلى من خلال الموازنة مع الناجحين في الحياة كالمشاهير والأبطال والحكماء والمصلحين على سائر الأزمان واختلاف المكان، حيث يقتصر نجاحهم ونبوغهم على مجالاتٍ وميادين معينة، فهذا في السياسة، وذاك في الأدب، والآخر في الرياضة مثلاً، ولكنهم يفشلون في غيرها، وقد تكون أكثر أهمية منها، وقد تجد الرئيس الناجح في إدارة شؤون دولته المترامية الأطراف غير إنه فاشل في إدارة بيته مثلاً.
ومظهرٌ آخر للتوازن هو ثبات أخلاقه، فرسول الله محمد هونفسه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في رضاه وغضبه، وفي سلمه وحربه، وفي عسره ويسره، ومنشطه ومكرهه، وفي بيته وسوقه ومسجده، مع أزواجه وأولاده، ومع أصحابه، وفي جميع أحواله وشؤونه. وهذا الثبات قليلٌ في الناس أو نادر، فترى الشخص في رضاه فإذا ما غضب صار شخصًا آخر كأنه ليس هو، وترى الشخص ضحَّاكًا بسَّامًا بين زملائه فإذا دخل بيته عبس وبسر، وتتعرف على الرجل في الحضر فتراه في وجه، ويجمعك به السفر فيسفرُ لك عن وجه آخر، وترى زعيمًا ما يفيض في السلم رقة وحنانا فإذا ما اشتعلت الحرب تحول إلى وحشٍ فاتك! وترى السخي الجواد في الرخاء فإذا أصابته شدة ضنَّ بماله، وأمسك عن الإنفاق، أما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان سخيًا نديًا في سائر أحواله، وكان رحيمًا في سائر أحواله، وعلى ذلك فقسْ بقية الشمائل المحمدية، وسيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ غنية بالأمثلة والشواهد التي تدلُّ على توازنه الخلقى.
أن الثبات الأخلاقى للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ معجزة لأنه فرعُ من الثبات العام فى شخص الرسول النبي القائد والذي به استطاع أن يؤثر في كل من تبع الرسالة الخاتمة وأخلص في السير على نهجها. و تتبدى أهمية الثبات من خلال تلك النقاط (3):
أ- الثبات دلالة سلامة المنهج وداعية إلى الثقة .
ب- الثبات مرآة لشخصية المرء ومطمئن لمن حوله .
ج- الثبات ضريبة الطريق إلى المجد والرفعة في الدنيا والآخرة .
د- الثبات طريقٌ لتحقيق الأهداف .
فمن ثبات القائد تتعلم الرعية الثبات وقد ظهر ذلك جليًا فى حياة النواة الأولى من المسلمين بمكة حين تَحَالَفَتْ قُرَيْش ٍوَكِنَانَةَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِالْمُطَّلِبِ أَوْ بَنِي الْمُطَّلِبِ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ النَّبِيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ورغم كل هذه الضغوط فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يربي المسلمين في الحصار على ضرورة الثبات ويقودهم لدعوة الوافدين في مواسم الحج مؤكدًا تربيته لأصحابه على ضرورة استمرار الدعوة مهما ضاقت الظروف، وقلَّت الموارد (4).
نعم .. لقد كان الحصار وسيلة الضغط على المسلمين بقيادة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى المتعاطفين معهم كانت مؤلمة إلا أن الثبات والصبر على المبدأ وقوة إيمان المسلمين ثبتهم أمام هذه المقاطعة العامة(5). .
ويشهد على ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ رفضه لما عرضه عليه رؤساء قريش، ذات يوم عند ظهر الكعبة، وهم عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبو سفيان بن حرب ورجلٌ من بني عبد الدار، وأبو البختري أخو بني أسد، والأسود بن المطلب بن أسد و زمعة بن الأسود، والوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية ، وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيه ومنبه ابني الحجاج السهميين فقالوا : "يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنكلمك، وأنا والله ما نعلم رجلاً من العرب أدخل علي قومه مثل ما أدخلت علي قومك، لقد شتمـت الآباء وعبت الدين وشتمت الآلهة وسفهت الأحلام وفرقت الجماعة فما بقي أمرقبيح إلا قد جئته فيما بيننا وبينك. فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا، فنحن نُسَوّدُك علينا، وإن كنت تريد به مُلكًاملكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه قد غلب عليك – وكانوا يسمون التابع من الجن رئيًا – فربما كان ذلك ، بذلنا لك أموالنا في طلب الطب لك حتى نبرئك منه أو نعذر فيك، فقال لهم صلى الله عليه وسلم : ’’مَا بِي مَا تَقُولُونَ مَا جِئْتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ بِهِ أَطْلُب أَمْوَالكُمْ وَلَا الشَّرَف فِيكُمْ وَلَا الْمُلْك عَلَيْكُمْ وَلَكِنَّ اللَّه بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولًا وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُون لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَات رَبِّي وَنَصَحْت لَكُمْ فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِر لِأَمْرِ اللَّه حَتَّى يَحْكُم اللَّه بَيْنِي وَبَيْنكُمْ ’’ أو كما قال صلى الله عليه وسلم .
وقد سبقت تلك المحاولة الفاشلة محاولات أخرى من سلسلة الإغراءات والعذابات التي لقيها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذا غيرمحاولة أبى جهل قتله وهو ساجد يصلي، ولم يَفُتَ في عضده.
يقول أبو الحسن الندوي (6) معلقًا على عروض أهل الشرك السخية : "…أما قالوا له علي لسان عتبة وهم ما عرفوا الإغراء السياسي: إن كنت إنما بك الرياسة عقدنا ألويتنا لك فكنت رأساً ما بقيت".
نعم.. هم لم يعرفوا الإغراء السياسي، ولكن عرفوا ضعف النفس البشرية ومطامعها فحدثوه باللغة التي يجيدون التعامل بها كتجار في بلد حرفته المساومات والمزايدات التجارية، حدثوه عن أمرين يعرفون تمامًا من خـــلال معرفتهم بإنسان الحضارات السابقة المجاورة لهم وإنسان البلدان التي يسافرون إليها صيفًا وشتاء أنه يُقاتــل ويُقْتل من أجلهما ألا وهما : المال والسيادة، تتحارب حـولهما الدنيا فكانت الثورات، والإنقلابات والاغتيالات، والدسائس، والفتن، والمؤامرات، من قديم الأزل وحتى الآن، إلا عند المال والسيادة أي السلطة هو الإنسان كما هو لم يتغير، منذ العصر البدائي حتى عصر التكنولوجيا، وثورة المعلومات وحـرب النجوم ، وأسلحة الدمار الشامل.
المال والمنصب أي الغني والسلطة "السيادة" سلاحان لهما بريق السحر يخطفان العقول والعيون ويحركان لعاب المطامع في الحلوق ويُنسيان طالبهما أجَلَّ المبادئ والقيم حتى أنه ليؤثر السلامة عائدًا إلى بيته ليلتحف بالخـز والدمقس وكافة الأزياء اليمانية والشامية شأنه في هذا شأن أصحاب الزوابع السياسية التي تموت في مهدها بعد التفاوض على المكاسب الشخصية، أي بعد أن استأنس أصحاب الثروات أصحاب الثورات.
قد كان المتصور من باب الحكمة والسياسة الشرعية أن يقبل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منهم الزعامة والملك، ثم يتخذها وسيلة إلى تحقيق دعوة الإسلام فيما بعد، ولكن النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يرض مثل هذه السياسة والوسيلة إلى دعوته، لأن ذلك ينافي مباديء الدعوة نفسها ومبادئه أيضًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
يقول المستشرق الإيطالى ميخائيل إيمارى (7) : "وحسب محمد ثناءً عليه أنه لم يساوم، ولم يقبل المساومة لحظة ً واحدة فى موضوع رسالته على كثرة فنون المساومة واشتداد المحن ..عقيدة ً راسخة، وثبات لايُقاس بنظير، وهمةٍ تركت العرب مدينين لمحمد بن عبدالله .. إذ تركهم أمة لها شأنها تحت الشمس في تاريخ البشر".
لقد عاش ـ صلى الله عليه وسلم ـ المحاولات القرشية كلها وبنوعيها سواء الأذى والاضطهاد والإتهام والغمز بالقول والتمادي لمحاولة إيذاءه بدنيًا، أدناها قومتهم عليه قومة رجل واحد وأعلاها التخطيط لقتله أكثـر من مـرة وهو الأب والزوج ولديه بناته يخاف عليهنَّ أن مسه أذي فلمن سيتركهنًّ؟.. والدعوة في مهدهـا، وأمامه محاولات إغراءه بالمال والسيادة وتأمين أسرته ماديًا ومعنويًا في سبيل دعوة يعلم أنه سيعاني أشد العناء لتعلو كلمة الله في مكة وما حولها.
جن جنون قريش بعد أن صدمها ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلم تلن عزيمته، ولم تضعف قوته، ولم يستسلم!
يقول توفيق الحكيم (8): "فوسيلة النبي الأولىَ وخطوته التى نزل بها الميدان هى إقناع ذلك الخصم الصاخب من الخلق أنه مجرد عن الغايات الدنيوية، وهنا كانت قوته .. فإن أمضىَ سلاح فى يد رجل يريد أن يقارع البشر، هو أن يواجه البشر بيدٍ خاليةٍ من مطامع البشر".
وهذا سر قوته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وسر إعجازه كذلك، أن يشعر قاريء سيرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أمام قوة وجبروت قريش كان دائمًا هو الأقوى، بل من سر إعجازه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فى هذا الموقف هو مايرصده غير المسلم فيلفته إلى حقيقة وعظمة هذا الرسول فيكون سببًا فى هدايته وعودته إلى الحق فيقول الدكتور م. ج. دُرّاني(9) عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ معجبًا ومشدوهًا : "لم يتزحزح شعرة عن موقفه، وكان صامدًا، رابط الجأش، صلبًا في أهدافه وموقفه. عرض عليه قومه أن ينصبوه ملكًا عليهم وأن يضعوا عند قدميه كل ثروات البلاد إذا كف عن الدعوة إلى دينه ونشر رسالته. فرفض هذه الإغراءات كلها اختار بدلاً من ذلك أن يعاني من أجل دعوته. لماذا؟ لماذا لم يكترث أبدًا للثروات والجاه والملك والمجد والراحة والدعة والرخاء؟ لا بد أن يفكر المرء في ذلك بعمق شديد إذا أراد أن يصل إلى جواب عليه".
وتشهد "حُنَيْنٍ" ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين سبق إلى موقع النزال مالك بن عوف وكمن بجيشه لجيش المسلمين في الشعاب والمداخل، لينقضوا عليهم في مفاجأة روعت جحافل المسلمين الذين أقفلوا راجعين، وكادت هذه المعركة تشهد نهاية الإسلام والمسلمين، لولا أن ثبتَ لها الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين انحاز جهة اليمين وهو يقول: ’’هَلُمُّوا إليَّ أيها الناس، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد اللّه’’ ولم يبق معه في موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار، ثم بدأ يركض بغلته مقبلاً على الكفار وهو يصيح قائلاً: ’’أنــا النبي لا كَذِبْ .. أنا ابن عبد المطلب’’ .. لتدور الدائرة على من ظن أن النصر حليفهم، وأن البحر نهاية هزيمة المسلمين، وما كان ذلك كذلك إلا بفضل ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحده، ووقوفه أمام جيش الكفاروحده.
ولعل من هذا الثبات يتعلم المسلم سر دعاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ’’اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبًا سَلِيمًا وَلِسَانًا صَادِقًا، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ’’(10).. والذي كان يقوله في صلاته(11)، وأوصى به أصحابه ومنهم شداد الذي خاطبه الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ’’يَا شَدَّادُ بْنَ أَوْسٍ، إِذَا رَأَيْتَ النَّاسَ قَدِ اكْتَنَزُوا الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ فَاكْنِزْ هَؤُلاءِ الْكَلِمَاتِ’’.
هذا هو نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذى جمع زبدة الفضائل الإنسانية، واستجمع جميع مؤهلات قيادة البشـرية، الآية في صفاته النادرة، النموذج الكامل للفضيلة والخير، رمز الصدق والإخلاص.
ولن يسعَ من يدرس حياته ورسالته ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهل الفكر من شتى الأجناس، وعلى اختلاف المشارب ـ دون تحيّزـ إلا أن يشهد أنه حقًا رسول من عند الله، وأن القرآن الذي جاء به للناس هو كتاب الله حقًا. بل أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أعظم شخصية، عرفتها البشـرية؛ فحياته وأفكاره وصدقه واستقامته، وتقواه وجوده، وعقيدته ومنجزاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ تقف براهين فريدة على أنه بحق معجزةٌ : فى نبوته، فى أبوته، فى قيادته، فى رحمته، فى عزمه، في ثباته ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) خالد محمد خالد، الإسلام ينادى البشر إلى هذا الرسول ص 144.
(2) أبو عبد الرحمن سلطان على ، رياض النعيم في ظل الرحمن الرحيم ص 27.
(3) الدكتور محمد حسن موسى ، الثبات ص 25-27
(4) الدكتور راجح الكردى ، شعاع من السيرة ص 146.
(5) الدكتور محمد أبو فارس ، السيرةالنبوية دراسة تحليلية ص 166.
(6) أبى الحسن الندوى ، ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ص111.
(7) ميخائيل اماري Amari . ولد في بالرمو بايطاليا عام 1806 م ، وتوفي في فلورنسا عام 1899 م. مستشرق ايطالي تعلم اللغات الشرقية ومن ضمنها العربية في باريس وتخصص بالعربية وآدابها وتاريخها: ( تاريخ المسلمين في صقلية ) .
(8) توفيق الحكيم ، تحت شمس الفكر ص 34.
(9)الدكتور م. ج. دُرّاني Dr. M. H. Durrani سليل أسرة مسلمة منذ القدم، أصبح نصرانيًا في فترة مبكرة من حياته وتحت تأثير إحدى المدارس التبشيرية المسيحية، وقضى ردحًا من حياته في كنيسة إنكلترا، حيث عمل قسيسًا منذ عام 1939 وحتى عام 1963 حيث جاءه الإسلام "كما يأتي فصل الربيع"، فعاد إلى دين آبائه وأجداده.
(10) أخرجه أحمد، والترمذي، كتاب الدعوات، والنسائي، كتاب السهو، ومصنف ابن أبي شيبة، والطبراني في المعجم الكبير بلفظه، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وحسنه شعيب الأرنؤوط في صحيح ابن حبان، وذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة في المجلد السابع، برقم 3228، وفي صحيح موارد الظمآن، برقم 2416، 2418، وقال: (صحيح لغيره).
(11) أخرجه النسائي، برقم 1304، والطبراني في المعجم الكبير، 7/ 294، برقم 7178، ورقم 7179، ورقم 7180، وابن حبان في صحيحه، 5/ 310، وقال الألباني في صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان : (صحيح لغيره).
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)
التراث الطبي في الحضارات: المصرية واليونانية والإسلامية...
قد تتساءل كيف يضم سطرًا واحدًا ثلاث حضارات كان لها تاريخها المجيد مع "الطب"، غير أن الحضارة الأولى هي التي لها حق الريادة والعماد...

-
هناك مسافة فاصلة تجاه التراث العربي الإسلامي بعامة والتراث العلمي العربي الإسلامي بخاصة وبين الاستشراق بكافة مدارسه؛ فكان نصيب هذا التراث ...
-
مازالت قضية التراث ومحوه أو أو تقديره أو تقديسه أو تبخيسه مستمرة معنا منذ أجيال مضت وأجيال قادمة، أي أنها ستستمر معنا في عامنا القادم....
-
صار المكان من العناصر الفعالة في تشكيل الرواية، وله أهميته في بنائها، وإن كان لا يشبه المكان الواقعي تمامًا؛ إذ أن المكان الواقعي يمثل حيز...