شكلت نقطة الصدام المبكر بين الغرب والإسلام المنصة التي انطلقت منها المقولات التي تتسم بالتشويه واللامنهجية واللاعلمية واللامعرفية، واللاحيادية، واللاعدالة ـ في أغلب الأحيان ـ ضد الإسلام "الدين والحضارة والتراث" ونبيه الكريم صلى الله عليه وسلم، خاصةً بعد أن أصبحت هذه المقولات تمثل الركائز التي بنى عليها "الاستشراق" أهدافه ومناهجه في التعامل مع التراث العربي والإسلامي.
لم يتحمل الغرب المسيحي انتشار الإسلام السريع وتجاوزه الفكري والديني والجغرافي لخارطة العالم، حتى دعت الحاجة الملحة لدراسته لا من أجل فهمه على الوجه الصحيح بل من أجل البحث عن الطرق التي تعرقل زحفه وكبح جماحه، وهو الأمر الذي مازال يشغل عقول الباحثين عن نقطة البداية المفصلية التي تحدد تاريخ الاستشراق أو الاستهداف الغربي في مراحله الأولى باعتباره صراعا تاريخيا بين العالم المسيحي الغربي والشرق والغرب الإسلامي خلال العصور الوسطى على الصعيدين الديني أو الأيديولوجي كما رصده "مكسيم رودنسون" في كتاب "تراث الإسلام"، أو بما لخصه "بطرس ساذرن R. W. Southern" في قوله: (يمثل الإسلام مشكلة بعيدة المدى بالنسبة للعالم النصراني في أوروبا على المستويات كافة) الذي ذكره في كتابه:"نظرة الغرب إلى الإسلام في القرون الوسطى Western Views of Islam in the Middle Ages"، الذي قرأ بخبرة واقتدار وتجرد ثمانية قرون ونصف القرن من الصراع الغربي مع الإسلام في القرون الوسطى، ورأى ونبه وقرر أن الغرب كان ينظر إلى الإسلام في تلك الفترة من خلال حزمة من الأفكار التي تتسم بالجهل والعداء والاعتقاد بالخرافات، مع استثناءات قليلة، وأن الغربيين في العصور الوسطى كانوا يفتقرون إلى معرفة دقيقة بالإسلام، وكانوا يخلطون بين القرآن والحديث، ويعتمدون على كتابات مسيئة للإسلام مثل كتابات يوحنا الدمشقي، وفي اعتقاده أن الحروب الصليبية عززت من النظرة السلبية تلك للإسلام، حيث تم تصوير المسلمين كأعداء يجب محاربتهم، مع وصفه لهذه الفترة بأنها تمثل عصرًا من الجهالة؛ لكونها تفتقر إلى الموضوعية والمعرفة الحقيقية بالإسلام، مع أن بعض المثقفين في الغرب، مثل الأطباء الإسبان، كانوا أكثر انفتاحًا على الإسلام ودرسوا تعاليمه بعناية كما يذكر "ساذرن".
لقد استكثر علماء الغرب واستنكروا أن يكون للعرب قبل الإسلام حضارةً أو حضورًا في المشهد الإنساني بشكل مؤثر، ورأوا أن بداية انطلاق العرب جاءت مع ظهور الإسلام وهو ما ذهب إليه "رينان" في قوله: (لا مكان لبلاد العرب في تاريخ العالم السيامي، والثقافي، والديني قبل ذلك الانقلاب المفاجئ الخارق للعادة الذي صار به العرب أمة فاتحة مبدعة).
وهذا الرأي من "رينان" وغيره من أجل أن يثبتوا أن أصالة الخلق والتجديد والإبداع في أمة الإغريق "العبقرية" كما وصفها أحدهم، على الرغم من التناقض في مقولة "رينان" الذي يؤكده "جوستاف لوبون" في كتابه: "حضارة العرب"، فيقول: (إن النضج الحضاري الذي وصل إليه العرب بعد ظهور الإسلام، ما كان له أن يكون إلا نتيجة مقدمات سابقة وسمات حضارية كان يتمتع بها العرب قبل الرسالة، وأن لكل حضارة مستحدثة إرثًا وجذورًا حضارية قديمة؛ فالشئ ـ في الغالب ـ لا يُخلَق من عدم).
إن ما يقف وراء استهداف الغرب للتراث العربي الإسلامي هو تمركزه حول ذاته، أي الغرب، وآفة هذه النظرة المركزية الغربية أنها لا ترى سوى ذاتها، بما يعني أنه ليس هناك قيمة مكانية وجودية على خريطة التفكير الغربي، أو كما يقول دكتور عبدالله إبراهيم في كتابه: "الثقافة العربي والمرجعيات المستعارة": (فحيث يكون الغرب فثمة منطق يقود الحياة إلى مصير خالد، وبهذا تترتب شئون الآخر، بمنظور غربي لا يريد أن يرى في موضوعه إلا ما يتقصد أن يراه هو فعلًا ويرغب فيه).
وهذه النظرة الاستعلائية الغربية التي تستند للإرث الإغريقي الذي يعظم تلك الذات ويميزها عن باقي الذوات كما يرى "جارودي" في نقده لتلك الذات، واتخاذ الغرب الفكر الديني المتمثل في المسيحية واليهودية، وتبني النظرية العرقية التي تمثلت في الإيمان بتفوق الجنس الآري على الجنس السامي تأسيسًا على معطيات علمية وفرتها النظرية الداروينية، مما أعطى كثير من مفكري وعلماء الغرب الحق في التفريق بين الذات الغربية وذوات العالم الأخرى ومن هنا كان استهداف العالم وتراثه ومنه دول العالم الإسلامي تحت دواعي التطهير العرقي، واستباحة تراثه وثرواته عن إيمان بحقهم فيه!
ولهذا كرس المستشرقون الأوائل، أمثال "رينان" و"إجناتس جولد تسيهر" جهودهم لضرب الخصوصية الإسلامية، بدءًا بالتشكيك في أسس المرجعية الإسلامية؛ أي مصادر الوحي لأن الغرب منذ القرن الخامس عشر وما تلاه حتى القرن التاسع عشر الذي يقضي بتقديم مشروع سياسي على صعيد العالم، وهو: مشروع تجانس الإنسانية المستقبلي من خلال تعميم النموذج الغربي"، وينبه "مولاي أحمد صابر" في مقاله: "الوجه الآخر للاستشراق: الانفلات من قبضة المركزية الغربية"، أن: (خطورة هذا المشروع تتجلى في تسويغ وتبرير الاحتلال الغربي للعالم، كما تتجلى في تبرير جرائم الحرب والرأسمالية الاستعمارية حالا وفي القرن الماضي وما قبله، إذ من الصعب أن نعثر على دراسات وكتابات لمستشرقين تستنكر فظاعة الغرب الاستعماري في صلته بالشرق، وحتى إن حصل ذلك؛ فقد انفلت أصحابها من قبضة المركزية الغربية).
لقد واصل الغرب الأوروبي ما يسمى بـ "الإجبار الحضاري" كما يرى البروفيسور ميثم الجنابي في رصده للمفارقة التاريخية لوعي الذات الثقافي ـ السياسي بين إسلام الشرق والشرق الإسلامي، في مواقف الغرب تجاه الشرق وتأثيره عليه من خلال الإجبار في مفاهيم وقيم الخضوع والسيطرة، حيث لم تعد السيطرة "المدنية" الجديدة للغرب الأوروبي استعمارًا بالطريقة الإغريقية ولا الرومية. لقد كان غزوها الشرق أقرب إلى البربرية المحصَّنة بوعيها الذاتي الضيق، وذلك لأن حوافزها وأفعالها كانت محددة بآلية الأخذ والاغتصاب والسرقة والنهب؛ فهي لم تعرف العطاء ولا البذل الروحي، ولهذا لم تشرك في فلك إبداعها "الغرباء"، لأنها لم تنوِ ذلك ولم تلهب هواجسها وحدانية الفكر ولا توحيدية القناعة ولا شعور الواحدية الإنسانية.
كما أن أهم ما توصل له "الجنابي" هو أن الاندفاع المتحمس لــ "الاكتشافات" الجغرافية، لم يكن حبًا للمعرفة ولا توسعًا للمدارك أي أنه لم يكن "تقليدًا" لروح الإغريق القدماء، بقدر ما كان استجابة لسطوة الأوروبية الرومية، أو المادية الشرهة، الأمر الذي أدى إلى خلق الأسطورة المثيرة عن الشرق، الذي أيقظ إغراء كوامن السطوة والاغتصاب واستثارة لعاب السرقة وإثارة روح الغزو والاستيلاء، وذلك لأن "اكتشافات" الوعي الأوروبي الجديد للشرق استثارت فيه روح المغامرة، وتثليم معارفه الشخصية القديمة، إلا أنها خلقت في الوقت نفسه الأساس الموضوعي للاحتكاك "السياسي ـ الحضاري" الجديد، الذي دفعه تطور البرجوازيات الأوروبية إلى نهايته المنطقية: التوسع العسكري والنهب الاقتصادي! وهي ظاهرة متميزة وفريدة في التاريخ العالمي سواء من حيث فعلها وغاياتها وآلياتها ونتائجها.
ولهذا كان استهداف الغرب للتراث العربي الإسلامي مبنيًا على السطو والسرقة والانتحال؛ إذ لم يعرف بعض علمائه أساسيات الأمانة العلمية في النقل والاقتباس، فتجاوزوها كرامة للعلوم الإغريقية ولو على حساب الحقيقة، وليس هناك أفضل من شهادة البروفسور التركي الألماني المسلم "فؤاد سزكين" الذي يقول: (كان الغرب يُترجمون الكتب التي نقلوها عن المسلمين على أنها مؤلفات يونانية، ولم يكونوا يفهمون تراث العلوم الإسلامية لعدم درايتهم بماهيّة الحقبة الماضية، وقد كتب بعض المترجمين الأوروبيين الأولين الذين ترجموا عن المسلمين أسماء مؤلفين يونانيِّين على تلك الكتب التي نقلوها عن المسلمين).
لقد مارس المستشرقون ظاهرتين قديمتين عرفهما التراث الإنساني عبر تاريخه الطويل، أشار إليهما شعبان خليفة في كتابه: "الكتب والمكتبات في العصور الوسطى: الشرق المسلم، الشرق الأقصى"، وهما: "الانتحال"، و"النِّحلة"، أما "الانتحال"؛ فهو أن يقوم شخص بالسطو الفكري على كتاب شخص آخر، وينسبه إلى نفسه، وكأنه هو الذي كتبه، وأما "النِّحلة"؛ فهو أن يقوم صاحب الكتاب بتأليفه ثم ينسبه إلى غيره بكامل اختياره، وغالبًا ما يكون زُهاء مبلغ نقدي متفق عليه بينهما.
ولهذا ساد السطو على أعمال المؤلفين المسلمين وسرقة مخطوطاتهم حتى أصبح من: (من الأمور السائدة في الثقافة الغربية اليوم نسبة النهضة العلمية المعاصرة إلى جذور يونانية بعيدة تبعد عنها قرونًا متطاولة، مع إبراز فلاسفة وعلماء ليسوا أحقَّ من يُذكر في النسيج المعرفي المعاصر، مع أن هذه الجذور اليونانية استفادت من غيرها وأخذت منها، بل إن الفضل في التأثير المباشر على النهضة المعاصرة يعود إلى حضارة أخرى)، كما يقول طاهر صيام في مقاله: "جحود الغرب والإمبريالية المعرفية"، بل يؤكد: (جَهِدت أوروبا بكل وسيلة لأجلِ طمسِ أدلتِها الحسيةِ أو تجييرها بشتى التأويلاتِ، كِبْرًا وسَطوًا خِدمةً لأغراض شتى؛ منها: التعالي الحضاري والنفسي على البشرية، وقيادةُ العقول والأفكار، ثم غزو الأمم بزَيْف سبق التنوير والعلم والحداثة).
لن نتتبع السرقات الغربية للمؤلفات العلمية العربية الإسلامية خاصة؛ فهي أكثر من أن تتحملها هذه المساحة، غيره أنه من الأفضل أن نسلط الضوء على استهداف الغرب لسرقة وتشويه المخطوطات الإسلامية من قديم حتى عصرنا الحالي:
لقد هاجم أعداء تراثنا ـ أعداء كياننا العربي ـ هاجموا عملية بعث التراث "أي نقله من ورق أصفر إلى ورق أبيض" كما يصفونها.. وهو وصف غير صادق؛ لأن التراث وقتها لم بكن مطبوعا أو حتى كان مخطوطا على ورق أصفر كما يزعمون، بل كان نهبًا مشاعًا لغير العرب يحتكره المستشرقون، فيخفون في متاحفهم، ومكتباتهم وخزائن القصور والكنائس ما شاءوا، ويحرفون ما حلا لهم، ويطبعون ما عنَّ لهم بتشوبه مقصود تثيره روح التعصب والصليبية المتوارثة، أو بتشويه مبعثه سوء الفهم والعجز عن استشفاف روح حضارة مختلفة .. يومها كان الجانب الأكبر من التراث في أيدي أعداء الإسلام والعرب لأنه نهب. ويرصد محمد جلال كشك ميكانزم تعامل الغرب مع التراث الذي نهبوه، من خلال كتابه "الحق المر" فيقول مستكملا: (فهم أولا استعاروا هذا التراث كطالبي علم، قرأوه بالعربية، ثم ترجموه.. ثم لما استولوا على العالم الإسلامي، وكانت لهم الغلبة المادية منذ القرن السادس عشر، بدأوا عملية نهب مسلح، أو باستغلال حالة التخلف والفقر في الوطن الإسلامي، فنقلوا معظم "المخطوطات" إلى بلادهم).
ولقد تكاتف الغرب في عهوده الاستعمارية، مع الجهد التبشيري المكثف، والحقد الصليبي المتوارث، والتآمر اليهودي ـ الصهيوني الخبيث في إعلان الحرب على التراث العربي الإسلامي، وسرقة مخطوطاته ليس في التاريخ القديم فقط بل والمعاصر، وليس أدل على ذلك من صرخة استغاثة أطلقتها دكتورة ابتسام مرهون الصفار وهي المهمومة بتحقيق التراث العربي تحت عنوان: "أنقذوا ما تبقى من مخطوطات العراق"، تستعرض من خلالها ما تعرضت له ذخائر التراث العربي الإسلامي في العراق من سلب ونهب وتدمير منذ احتلال القوات الأمريكية للعراق، وما قام به النائب العمالي الصهيوني "موردخاي بن بورات" الباحث في "مركز إرث يهود بابل" قرب القدس المحتلة من شراء الكيان الصهيوني لعدد كبير من المخطوطات أثناء غزو 2003م، كما سرقوا نسخ ثمينة من التلمود يعود تاريخها إلى أكثر من 2500 سنة، في تقليد متوارث القائم على "الانتقائية" في سرقة المخطوطات الثمينة النادرة، خاصة العلمية منها، مثلما حدث مع مخطوطات المجمع العلمي العراقي والمجمعات العلمية والثقافية الأخرى.
لم يكن الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عشوائيًّا، بل قام وفق مخطط مدروس لسرقة الهوية الفلسطينية، بدءًا من استهداف التاريخ بكل تفاصيله، إلى نهب الثقافة وما تحفظه من كنوز معرفية وتراثية، وصولًا إلى تعزيز الرواية الإسرائيلية المزيَّفة.
منذ البداية كانت المعركة مع المحتل الإسرائيلي بالأساس حربًا على الهوية، لذا بقي ينسب كل شيء فلسطيني إليه، من مأكولات وأزياء، وحتى الطقوس التراثية سرقها، وحين حطَّ رحاله على أرض فلسطين وجد كنزه الثمين في مكتباتها العامة والمنزلية، فسرق الكتب والمخطوطات التي تحكي تاريخ بلدة قديمة شهدت صولات وجولات مع الغزاة، فحرق جزءًا منها لطمس وتشويه تاريخها، وسرق الآلاف ونسبها إليه ليصنع تاريخًا له.
والواقع يقول إن إسرائيل ـ وهي تمثل رأس جسر غـريب بـنوع جديد من الاستعمار الغريب في المنطقـة عـلى حـد تعبيـر عبـد اللطيـف الطيبـاوي ـ بدأت السرقة عام النكبة عندما قام المستوطنون بسرقة مقتنيات الفلسطينيين بعد تهجيرهم، فمن مدينة "يافا" وحدها حملوا خمسة آلاف شاحنة من الكتب والمخطوطات والصحف العربية، بطريقة منظَّمة وفردية، ويقدَّر عددها بنحو 80 ألفًا، أكثر من ثلثها نُهب من القدس وحدها، ونحو 30 ألفًا من هذه الكتب والمخطوطات نقلت إلى المكتبة العبرية تحت "قانون أملاك الغائبين"، منها مخطوطة لسُوَر من القرآن تعود للقرن العاشر الهجري، وكتاب "تهذيب الأخلاق" عمره أكثر من قرن، وما تبقّى من المقتنيات المسروقة إما بِيع كنفايات ورقية وإما أُعيد بيعه لفلسطينيي الأراضي المحتلة ومدارسهم.
وتذكر مها شهوان في مقالتها بعنوان "ضمن معركة الهوية.. تاريخ إسرائيل في سرقة مخطوطات فلسطينية: (وتعتبر "إسرائيل" هذا النوع من السرقات محاولة لتصويب الخطأ أو دحض التزوير العربي بحقّ اليهود، وهو جهد مكمِّل لما بذله المستشرقون الغربيون الذين جابوا المشرق العربي للبحث عن مكامن الضعف في الموروث الثقافي والحضاري، والاستثمار فيها بما يخدم مآرب الاستعمار، وتبديد الحق العربي ونفيه من الأرض، ومحو أي أثر أو ذكر له من الجغرافيا والتاريخ).
لقد استهدف الغرب تراثنا العربي الإسلامي في الحرب والسلم، وليس أدل على ذلك من سرقة ونهب وحرق المخطوطات العربية.. وستظل الحملة الصليبية الأولى خير شاهد على ذلك؛ فقد دمرت مكتبة بني عمار في طرابلس الشام وحرقت ما يقارب مئة ألف مخطوط، وقد مارس رجال الاحتلالين: الفرنسي والبريطاني مسلسل عمليات النهب المنظمة للمخطوطات والكتب والوثائق الأثرية التي تم نقل العديد منها إلى الدول الأوروبية.
ونصل في نهاية مقالنا للسؤال الجوهري الذي طالما راود عقول من يتعاملون مع الاستغراب ومع الاستشراق على حد سواء: لماذا يتنكر الغربيون لدور الحضارة الإسلامية وفضلها على حضارتهم المعاصرة، ولماذا يستهدفون تراثها بكل هذا الحقد والغل؟
وقد أجاب عن هذا السؤال المفكر الغربي المسلم "ناصر الدين دينيه ـ الفونس دينيه"، فيقول مُعددًا الأسباب: (إن التعصب الموروث لدى المسيحيين ضد الإسلام وأتباعه، فقد عاش فيهم دهورا طويلة، حتى أصبح جزءًا من كيانهم، فإذا أضفنا إلى هذا التعصب الديني تعصبا آخر هو أيضا موروث تزيده الأجيال المتتالية تمكنًا من النفوس بفضل مناهج الدراسات القديمة التي تسير عليها مدارسنا، وهو أن كل العلوم والآداب الماضية يرجع الفضل فيها إلى الإغريق واللاتين وحدهم، أدركنا في يسر كيف ينكر الناس عامة، ذلك الأثر العظيم الذي كان للعرب في تاريخ الحضارة الأوروبية، وسوف يبدو دائمًا لبعض العقول أنه "من المهانة أن تدين أوروبا المسيحية للمسلمين بإخراجها من ظلمات البربرية والتوحش!").