الأربعاء، 26 نوفمبر 2014

حبيبي محمد

السيد إبراهيم أحمد - شبكة الألوكة - الكتاب والمفكرون












حفيدي محمد.......وشوقي ليك موصول
وربي اللي يشهد........باستنى الوصول
واسمك محمد...........على اسم الرسول
تطيعه بقلبك............في كل فعل وقول

وجدك محمد.............هناك مش بعيد
بروحه متابعك..............وبيحبك أكيد
وتيته وتيته..............وعماتك وعمو
خيلانك وخالتو.......يا حلو لابوه وأمه
صرَّخ وعيَّط...وصحي أبوك على طول

أشوفك إلهي............بدر يملى العين
ناجح وفالح............يارب دنيا ودين
وبابا وماما........ ما يسكتوا يخاووك
بأخ وأخت حلوه....في الدنيا يونسوك
وتكبر وتسعد...........وتبقى أد القول

الخميس، 13 نوفمبر 2014

عندما أسلم السير أوليفر تريسيليان

عندما أسلم السير أوليفر تريسيليان




 لا تدَّعِ أنك كنت تعلم شيئًا ولو يسيرًا عن السير أوليفر تريسيليان، قبل أن يصل إلى مسامعك ما سأحكيه لك عنه الآن.

 بالطبع يا جدي، لا أدَّعي معرفتي به، بالرغم من جمعي لمادة علمية عن أكثر المشاهير الذين أسلَموا ريثما أُصدرها في كتاب.


انفرجت أسارير الجد، وأحس بأنه سيضيف لحفيده الصحفي الشاب شيئًا ذا بال، فاعتدل في جلسته، ثم بدأ في السرد:

 في بلاد الضباب كان يعيش النبيل الإنجليزي السير أوليفر سيد مقاطعة "بينارو" في إقليم كورنوال، وبالإنجليزية Cornwall، وهي مقاطعة ساحلية تقعجنوب غرب إنجلترا، كان قد ورثها عن أبيه بما فيها من مزارع وغابات وأراضٍ، وتقع بالقرب منها مقاطعة تسكنها حسناء يتمنى الارتباط بها تُدعى "روزاموند"، إلا أن شقيقها يرفض الفكرة تمامًا؛ لتنافسه مع أوليفر في المجتمعات الراقية، وتفضيل القوم للأخير عليه، وكان "ليونيل" الشقيق الأصغر لأوليفر يطمح في إزاحة أخيه، والفوز بقلب "روزاموند"، فما كان منه إلا أن قتل بيتر جودلفين شقيق روزا، وتم اتهام أوليفر بقتله، وينضم إلى معسكر الكارهين لأوليفر السير جون كيليجرو الوصي على روزا، والذي دبر لخطف أوليفر وحبسه في سفينة قرصان يُدْعى "كابتن لاي"، الذي كان يفكر في بيعه لإحدى المزارع، إلا أن سفينة مِن قطع الأسطول الإسباني اعترضت سفينته وأغرقتها، ثم قادوا من نجا من البحَّارة إلى مدريد، حيث كانت محاكم التفتيش لا تزال منعقدة تمارس دورها في تفتيش صدور الناس بحثًا عن عقائدهم، ولمَّا كان أوليفر بروتستانتينيًّا، فهو في نظر رجال المحكمة هرطوقيّ، مما دفعه إلى تغيير مذهبه إلى الكاثوليكية، خاصةً وأن عائلة أوليفر لم تكن تقيم أهمية كبيرة للمذاهب الدينية.


أصبح السير أوليفر من العبيد الجدافين على سفن الأسطول الإسباني، وفي طريقه إلى نابولي تعرَّف على أحد المغاربة المسلمين من الجدافين معه، وبثَّه حديثًا طويلاً عن نبذِهِ للديانة المسيحية وأهلها؛ لما لاقاه منهم، سواء في موطنه أو في مدريد، ومما زال يلاقيه، ومن خلال هذا المغربي يوسف بن مختار تعلم أوليفر مبادئ الإسلام، واللغة العربية، حتى أتقنها.


كانت الجزائر آنذاك هدفًا للاستعمار الغربي بعد أن أسقطوا الأندلس، ولعلك سمعت عن الحرب بينها وبين إسبانيا فيما أسموه حرب "الثلاثمائة عام".


 الشاب - بتحسر -: لا، للأسف لم أسمع يا جدي.

 الجد - وبتأثرٍ شديد -: لم تسمع أيها الصحفي؟! لقد كانت الجزائر المحروسة من عام 1492 م إلى عام 1792 م في حرب مع إسبانيا، وأسموها الجزائر دار الجهاد من 1516 م حتى 1830 م، في هذه الفترة كان رجال البحرية الجزائرية يهاجمون سفن الأعداء، ويأسرون بحَّارتها، ومعهم كثير من الأسرى المسيحيين، الذين يعلنون إسلامهم، وينخرطون في سلك البحرية.

وهو نفس المصير الذي تعرض له أوليفر، حين هاجمت سفينتهم سفينة عربية جزائرية يقودها والي الجزائر نفسه أسد الدين، الذي أوقع الإسبان مأسورين، وحرر العبيد الذين منهم ابن عمه المغربي يوسف، الذي زكَّى عنده أوليفر، فقربه منه، وأحسن وِفادته، فعرض عليه أسد الدين الإسلام، فقَبِلَه دون تردُّد، وأصبح اسمه "أوليفر- ريس"، حتى صار الضابط الأول، ثم نائب أسد الدين نفسه خلال ستة أشهر، وكان أسد الدين أشهر محارب في العالم الإسلامي يومذاك، بعدمصرع فاتح قبرص "علي باشا" في معركة ليبانت البحرية، التيوقعت في7 أكتوبر1571م بين العثمانيين والتحالف الأوروبي (الحلف المقدس)، مما جعل سيرة أوليفر بالتبعية ذائعة الصيت كقائده.

عاش أوليفر حزينًا؛ فقد نما إلى علمه أن السلطات البريطانية اعتبرته ميتًا؛ لتيقنها من إسلامه، ففاز شقيقه بالثروة، وبالفتاة التي كان حلمه الاقتران بها، بينما كان على الجانب الآخر سعيدًا بعد أن صار بطلاً من أبطال الإسلام في الجيش الجزائري، وكان بمثابة الابن بالنسبة لأسد الدين، حتى أطلق حُسَّاده الوشايات بينهما، ومنهم زوجة أسد الدين، وكانت مسيحية، وأسلمت، وتريد إزاحة أوليفر الذي سلب عقل زوجها من القيادة؛ حتى يتولاها ابنها.


 قال الشاب لجده: قصة شائقة جدًّا يا جدي، هلا أكملت من فضلك؟

 اعتدل الجد بعد أن تناول قرصًا من علاجه: يا ولدي القصة طويلة، وأنا أحاول قدر الاستطاعة أن أوجزها لك، وسأقفز مجتازًا عدة أحداث درامية؛ منها: خطف رجال أوليفر لشقيقه ليونيل وخطيبته روزاموند، وإحضارهما إليه بالجزائر، ومحاولة زوجة أسد الدين شراء روزا أو الضغط على زوجها ليعرض المختطفين للبيع، وخروج أسد الدين وأوليفر في رحلة حربية صغيرة بالسفينة التي أخفى أوليفر فيها ليونيل وروزا، واكتشاف أسد الدين لذلك، ودار بينه وبين أوليفر حديثًا غاضبًا سرعان ما هدأ، ثم اعترضتهم سفينة إنجليزية ضخمة يملكها السير جون كيليجرو الوصي على الآنسة روزا.


لم تمر عدة ساعات حتى دارت معركة حربية بين السفينتين، وكان النصر حليف البريطانيين الذين انطلقوا إلى السفينة، ولم ينقذ أسد الدين ورجاله غير مخاطبة أوليفر باللغة الإنجليزية، وبلهجة آمرة للسير جون، بالكف عن القتال، وسيسلمه روزاموند سالمة، وإلا سيُغرق السفينتين معًا في لحظة، إذا ما ألقى مصباحًا إلى مخزن البارود، كما أمره أن يقسم بشرفه وشرف بلاده أن يغل يده، فلا تمتد بأذى إلى السفينة العربية ورجالها.


 قال الصحفي الشاب متلهفًا: وهل قَبِلَ السير جون شروطَ أوليفر يا جدي؟

 قال الجد متنهدًا: قبلها يا ولدي على مضض، ولكنه أضاف شرطًا واحدًا، هو أن يسلم أوليفر نفسه أيضًا، فقبل أوليفر لتوِّه، مع اعتراض رجاله الذين فارقهم بالدموع، وعاد أسد الدين لبلاده حزينًا باكيًا عليه مثلما حزنت الجزائر على فقد أوليفر "صقر البحر" حزنًا دام شهورًا، وكان مصيره أن قدموه لمحاكمة لم ينقذه منها غير روزاموند التي سمعت الحقيقة من ليونيل قبل احتضاره؛ فقد طعنه الكابتن لاي أثناء المعركة دون أن يدري، ومِن ثَم فقد عاد أوليفر إلى لقبه وأملاكه وبلاده، وإلى روزاموند التي تبينت نُبْل أخلاقه، ومحبة الناس له في بلاد العرب، تلك البلاد التي لم تَغِبْ عن بال السير أوليفر أبدًا.


 استوقف الشاب جده: ولكن يا جدي، ألم يكن الكابتن لاي في صف أعداء السير أوليفر؟

 ابتسم الجد: نعم، أيها اليقظ، فقد نسيت أن أذكر لك أن الكابتن لاي كان قد وقع أسيرًا في يد أوليفر منذ حل بالجزائر، وضمه إلى سفينته بعد أن عرض عليه الإسلام فأسلم، واقتاده السير جون مع أوليفر مخالفًا شروط التسليم.


 قال الشاب: ولكن هل عاد أوليفر لدينه القديم؟

 فقال الجد: لا، لم يعد، ولكن عاد إلى لقبه القديم السير أوليفر فقط، ويتبين لك هذا من حديثه مع الكابتن لاي قبيل محاكمته، حيث سأله لاي:هل تؤمن بالله يا سير أوليفر؟

فأجابه أوليفر في يقين: لا إله إلا الله، محمد رسول الله.

فاندهش لاي قائلاً: ولكنها عقيدة المسلمين!

فأجابه أوليفر: إنها العقيدة التي أؤمن بها إيمانًا مطلقًا.


فقال لاي الذي لم تفارقه دهشته: عجبًا! كيف تقول هذا يا سير أوليفر وأنت مشرف على الموت؟

فأجابه أوليفر بيقين: إن إشرافي على الموت يا كابتن لاي هو الذي يجعلني ازداد تشبثًا بهذه العقيدة، وأؤمن برحمة الله، وأنه لن يعذبني على شيء قُدِّرَ عليَّ منذ الأزل.


قال لاي: ولكن هذه فلسفة العقيدة الإسلامية.

فأقره أوليفر على هذا قائلاً: إنها فلسفة تملأ القلب بالأمن، والراحة، والسكينة.


 سأل الصحفي الشاب: جدي، بالله عليك صارحني: من أين علمت بهذه القصة؟

 قال الجد - وهو يهم بالوقوف -: حفيدي الحبيب، هذه القصة سجلها المؤرخ الإنجليزي اللورد هنري جود عن الحياة المزدوجة التي عاشها النبيل السير أوليفر، ثم صاغها روايةً الروائي الإيطالي الأم والإنجليزي الأب رافائيل ساباتيني بعنوان (صقر البحر) في عام 1915 م، ومن أسفٍ أننا نَسِينا السير أوليفر كما نسينا شخصيات كبيرة وكثيرة في زحمة الحياة، كما ستنساني غدًا أيها الصحفي الناشئ عندما تكبر، وعندما أموت.


 الحفيد: لن أنساك ما حييت يا جدي، ولا تتحسر على أوليفر كثيرًا، فغاية أمره أنه كان قرصانًا.

 قاطعه الجد غاضبًا: ظلمته يا ولدي، وظلمت الذين معه أيضًا؛ إذ لم يكن قرصانًا، ولا هم قراصنة، وهو خطأ يستوجب التصحيح في شخص أمير البحر القائد المسلم مفزع أوروبا خير الدين بربروسا، الذي يُعدُّ - بل هو بحق - من أعظم أمراء البحر الذين عرفتهم الجزائر، وعرفهم البحر المتوسط، حين يطلقون عليه لقب قرصان، ويضعون اسمه مع أشهر القراصنة، يجب أن تميز يا بني بين القراصنة الذين يقومون بأعمالهم العدائية تجاه السفن الأخرى لمصلحتهم الخاصة فقط، وبين "القراصنة المفوَّضين".


 الشاب: وهل هناك تفويض بالقرصنة؟!

 الجد: أنت تعلم أن البحار قديمًا لم تكن تخضع إلى سلطة تحفظ أمن وسلامة السفن والتجارة فيها، وكان من عادة الملوك والأمراء إذا كان لهم حق عند غيرهم لم يصلوا إليه بالطرق السلمية أن يبيحوا أموال أعدائهم لرعاياهم، وأن يفوضوهم بالانتقام للملك ولأنفسهم من العدو باستباحة أمواله، فإذا قامت حرب نفر أهل كل إمارة إليها، فيجهز أفراد منهم على حسابهم حملة بحرية على أموال العدو، يأسرونها، وكان هؤلاء يسمون "Corsaires" ومنها جاء لفظ القرصان، إلا أنهم يتميزون عن لصوص البحار "Pirates" بأنهم يحملون أمرًا من أميرهم، واللصوص لا يحملون أمرًا، كما أنهم لا ينفرون إلا في حالة الحرب فقط، بينما لصوص البحر يقطعونه في السلم والحرب معًا، والقراصنة المفوَّضون يتبعون التعليمات، فلا يتعرضون إلا لأموال العدو، في حين أن اللصوص يتعرضون لأموال جميع التجار، ولا يتبعون قانونًا، والفارق الأخير بينهما أن المفوضين عليهم أن يقدموا مغانمهم إلى ديوان البحرية، أما اللصوص فيمتلكون ما يسرقونه، ومن هنا نشأ ما يسمى بالغنائم البحرية، وعليك أن تقرأ البحث الذي كتبه الأستاذ أحمد صفوت باشا المحامي، كما يجب عليك أن تعلم أن أسد الدين الذي في حكايتنا من قراصنة شمال إفريقيا، أو من يسمونهم القراصنة البربرية - كما سماهم بهذا أعداؤهم - وكانت بدايتهم مع بداية الحروب الصليبية.


 قال الشاب: الآن فهمت ما معنى لقب صقر البحر، وأمير البحر.

 الجد: أمير البحر لا يطلق على قرصان، وإنما هو لقب يُطلقه السلطان على مَن يُعينه لهذه المهمة؛ ولهذا فطن المؤلف غير المسلم إلى هذا حين وصف أوليفر في بداية الفصل الأول من الرواية بأنه بطل البحر الأبيض المتوسط، وباعث الرعب في الدول الأوروبية المُطلَّة عليه، وعمومًا يا ولدي كان تقليد القرصنة بالتفويض معمولاً به خلال القرون الوسطى، وحتى القرن العشرين، وحتى أمريكا التزمت به عندما شنَّت أول حرب لها في البحر المتوسط ضد القراصنة البربر في تونس، والجزائر، والمغرب، ما بين 1801 م و1816 م، وعاملت القراصنة كأسرى حرب؛ نظرًا لارتباطهم بدول ترعاهم وتوجِّههم في أعمالهم.


 قال الحفيد بارتياح: ولهذا كان السير أوليفر صقر البحر يعمل عملاً عسكريًّا حربيًّا لا إجراميًّا، وعليه فقد وجب عليَّ البَدْء في قراءة الرواية، وقراءة تاريخ الجزائر معًا.

 الجد باسمًا: حسنًا تفعل يا ولدي.


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/78442/#ixzz3IyG15FMW