الخميس، 31 أغسطس 2017

برنامج " أشواق وأشواك" مع الكاتب والإقتصادي السيد إبراهيم أحمد

لقاء الكاتب الشاعر السيد إبراهيم أحمد في برنامج منطقة حرة بقناة القنال 2...

"مصر بتنادي" كلمات السيد إبراهيم أحمد إخراج ندى إبراهيم

لقاء الأديب السيد إبراهيم أحمد فى برنامج: "أشواق وأشوك" يتحدث عن: "حرب أ...

برنامج أغانى وعجبانى مع الأديب السيد إبراهيم أحمد

على ميه بيضا ـ عيد الأم

صباح المحروسة الشاعر السيد ابراهيم (عيد الأم)

المنطقة الحرة مع الاديب السيد إبراهيم ج1

المنطقة الحرة مع الاديب المتالق السيد إبراهيم ج2

عمرو فوزى والكاتب والاديب أ.السيد إبراهيم أحمد

برنامج "بنك الأفكار" مع الأديب السيد إبراهيم أحمد

لقاء تليفزيون القنال مع الكاتب السيد إبراهيم أحمد، في برنامج "صباح القنا...

سبحانك يالطيف

أغنية يا الله

قصيدة امى للشاعر السيد إبراهيم

كليب قصيدة صلوا على النبى

منطقة حرة مع الشاعر الكاتب السيد إبراهيم أحمد جـ 1.wmv

منطقة حرة مع الشاعر الكاتب السيد إبراهيم أحمد جـ 2

منطقة حرة مع الشاعر الكاتب السيد إبراهيم أحمد جـ 3

حضارة المحلة الشاعر / السيد إبراهيم أحمد

الله يا الله للشاعر السيد إبراهيم أحمد.wmv

النشره الثقافيه الكاتب السيد ابراهيم احمد

أغنيه مناسك الحج

الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

الخروج من جدران الذات






  لا أدري لماذا نهوى الانكفاء خلف جدران ذواتنا، كل هم يجد له مكانه الطبيعي على رفوف حياتنا، الذكريات السيئة مازالت تعشش في أركاننا، والأحداث التي فيها مواقف سلبية مجرد تذكرها يجلب الكدر، ويبدد الصفو، على الرغم من أن الزمن قد طواها برماله البطيئة الزاحفة جزئيًا أو طمرها تمامًا،  مع أن تذكرها في ذاته لا يشكل أي أهمية مكانية أو زمانية في حياتنا حين نجلبها.

    ليس لهذه الذكريات أهمية في مجريات الأحداث اليومية؛ فقد فات أوانها ومضى زمانها بل وشخوصه؛ فمنهم من توفاه الله، أو هاجر، أو حتى نسي، ولكن هي العادة العربية التي لا تكاد تهاجرنا، الميل إلى الحزن إلى ما يبكينا، إلى جلد ذواتنا، وندب حظوظنا، دومًا نرى حظ الآخر أحسن وأفضل، ونرى دومًا أن هناك تقصير ما، قد يكون تقصير منَّا في حق أنفسنا، أو تقصير من الغير تجاهنا، ولكننا لا نبحث عن تقصيرنا في حق الآخرين.

في زحمة الحياة  تقع الذكريات الجميلة الكثيرة ولكننا دومًا نحجمها نصغرها، بدعوى أن لحظات الفرح قصيرة، مع أن الذي يتحكم في طولها وقصرها هو نحن، أي أن كل واحد منا هو "الميقاتي" الوحيد لأوقات فرحه، ولكنه يصر على أن يقلل من أهميتها.

 كم من مرة ونحن نتجاذب الحديث مع أصدقائنا نتذكر الأشياء التي تدخل البهجة على نفوسنا، مع أن كل أسباب الحياة السعيدة والتعيسة أيضًا حولنا متوفرة، ومع ذلك للسعادة مكان.

    لماذا لا نوسع دائرة الأشياء التي تجلب البسمات وليس الضحك، ولو أن الضحك صار مطلوبًا في هذه الأيام؟!

  لماذا كلما واجهتنا مشكلة ضاقت الدنيا على اتساعها؟!

 لماذا نسجن أنفسنا في دوائر ضيقة، حتى أصبحنا من هواة تحويل كل صغيرة إلى كبيرة؟! 

     دعونا نخرج من حالة الفلسفة هذه ثم نغلق باب حجراتنا، ونجلس مع أنفسنا، ونستعيد الذكريات الطيبة في حياتنا، ونقسِّمها إلى مراحل عمرنا: فنبدأ من الطفولة وكيف ونحن صغار كنا نلهو ونتشاجر على أتفه الأسباب، ولكن أحذركم قبل أن تمضوا مع موضوع الشجار أن يجركم نحو أسباب تلك المشاجرات؛ إذ عليكم أن تتخطوها نحو ذكرى أجمل وتكبرون مع ذكرياتكم عبر مراحل عمركم التي وصلتم عندها.

  لن تتوقف الذكريات الجميلة عند أهلنا وأصدقائنا، بل سيتوسع الأمر أكثر حين نستعير الذكريات الجميلة والمواقف اللذيذة التي حكاها لنا غيرنا، وما سمعناه من المشاهير في كل مجال، وفجأة سيصبح عندكم مكتبة منوعات جميلة من الذكريات السعيدة التي ستدخلونها وتستعيرون منها لحظات طيبة كلما ضاقت بكم الدنيا.
  وهنا سؤال يستحق أن يكون موضوعًا آخر: لماذا لا نحمل لبعضنا الفرح؟! أتعرفون لماذا؟

 لأن بعضنا أو أكثرنا لا يعرف قيمة الحياة، ونظن أن من يفرح هو شخص تافه، سطحي، غير مهموم بما يدور حولنا، وما يحيكه الأعداء لنا، وأنه إنسان سلبي ليس له موقف من الحياة، أنه يعيش يومه بيومه... وكم جرحتُ.. وأنا هنا أتهم نفسي بالذي ارتكبته في حق أصدقاء من هذه النوعية الطيبة السهلة، ولقد كانوا من أولئك الذين يدفنون همومهم داخلهم، ولا يحبون أن يأتونا بما يعكر صفونا، أو يفسد علينا يومنا أو فرحتنا، وأنا الذي كنت أشكو لهم الهم ولو كان صغيرًا، وكانواّ يتحملونني دون تأفف أو تضجر.

   أيها السادة والسيدات، والكبار والصغار:

    حان الآن الوقت الذي يجب أن نغلق فيه دفاتر ذكرياتنا الجميلة، ونغادر غرفنا، ونغادر ذواتنا، ولنعش الحياة كما هي .. نتحمل همها كم نتقبل فرحها، ثم نحادث هاتفيًا كل من أسعدونا وحملناهم  همومنا، ونتجاذب معهم أطراف الحديث في الأمور التي لا تكدر صفونا، ولا تعكر علينا نهر حياتنا الصافي الجاري، ثم نأخذ نفسًا عميقًا، بعدها سنحس براحة كبيرة، وفهمًا أعمق لمعنى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ"، والأخ هنا للتغليب ولو أخذناها بمفهوم أخي وأختي في الإنسانية، فما أكثر الصدقات التي ضيعناها حين عايشنا الهموم، وعبسنا الوجوه، والحمد لله على نعمة الرضا، والانعتاق من الذات.ء التي تجلب البسمات وليس الضحك، ولو أن الضحك صار مطلوبًا في هذه الأيام؟!

  لماذا كلما واجهتنا مشكلة ضاقت الدنيا على اتساعها؟!

 لماذا نسجن أنفسنا في دوائر ضيقة، حتى أصبحنا من هواة تحويل كل صغيرة إلى كبيرة؟! 

     دعونا نخرج من حالة الفلسفة هذه ثم نغلق باب حجراتنا، ونجلس مع أنفسنا، ونستعيد الذكريات الطيبة في حياتنا، ونقسِّمها إلى مراحل عمرنا: فنبدأ من الطفولة وكيف ونحن صغار كنا نلهو ونتشاجر على أتفه الأسباب، ولكن أحذركم قبل أن تمضوا مع موضوع الشجار أن يجركم نحو أسباب تلك المشاجرات؛ إذ عليكم أن تتخطوها نحو ذكرى أجمل وتكبرون مع ذكرياتكم عبر مراحل عمركم التي وصلتم عندها.

  لن تتوقف الذكريات الجميلة عند أهلنا وأصدقائنا، بل سيتوسع الأمر أكثر حين نستعير الذكريات الجميلة والمواقف اللذيذة التي حكاها لنا غيرنا، وما سمعناه من المشاهير في كل مجال، وفجأة سيصبح عندكم مكتبة منوعات جميلة من الذكريات السعيدة التي ستدخلونها وتستعيرون منها لحظات طيبة كلما ضاقت بكم الدنيا.

  وهنا سؤال يستحق أن يكون موضوعًا آخر: لماذا لا نحمل لبعضنا الفرح؟! أتعرفون لماذا؟

 لأن بعضنا أو أكثرنا لا يعرف قيمة الحياة، ونظن أن من يفرح هو شخص تافه، سطحي، غير مهموم بما يدور حولنا، وما يحيكه الأعداء لنا، وأنه إنسان سلبي ليس له موقف من الحياة، أنه يعيش يومه بيومه... وكم جرحتُ.. وأنا هنا أتهم نفسي بالذي ارتكبته في حق أصدقاء من هذه النوعية الطيبة السهلة، ولقد كانوا من أولئك الذين يدفنون همومهم داخلهم، ولا يحبون أن يأتونا بما يعكر صفونا، أو يفسد علينا يومنا أو فرحتنا، وأنا الذي كنت أشكو لهم الهم ولو كان صغيرًا، وكانواّ يتحملونني دون تأفف أو تضجر.

   أيها السادة والسيدات، والكبار والصغار:

    حان الآن الوقت الذي يجب أن نغلق فيه دفاتر ذكرياتنا الجميلة، ونغادر غرفنا، ونغادر ذواتنا، ولنعش الحياة كما هي .. نتحمل همها كم نتقبل فرحها، ثم نحادث هاتفيًا كل من أسعدونا وحملناهم  همومنا، ونتجاذب معهم أطراف الحديث في الأمور التي لا تكدر صفونا، ولا تعكر علينا نهر حياتنا الصافي الجاري، ثم نأخذ نفسًا عميقًا، بعدها سنحس براحة كبيرة، وفهمًا أعمق لمعنى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ"، والأخ هنا للتغليب ولو أخذناها بمفهوم أخي وأختي في الإنسانية، فما أكثر الصدقات التي ضيعناها حين عايشنا الهموم، وعبسنا الوجوه، والحمد لله على نعمة الرضا، والانعتاق من الذات.


بالورقة والقلم...




بالورقة والقلم تبنى الأمم، وتعلو الهمم، إلى الذرى والقمم..

بهما نسعد وننعم، ونخطط، ننظر إلى ما مضى من أمجادنا.. لنعدل مساراتنا.. ونصنع 

مستقبلنا...

وبهما.. تعلمنا.. ونقلنا خبراتنا.. إلى غيرنا.. كما استفدنا من خبرات غيرنا..

وبهما.. كانت لنا أول حضارة في تاريخ الدنيا.. واستفدنا أيضًا من حضارات الدنيا..

وبهما.. كانت "اقرأ".. لنكتب.. ونتعلم.. ونُعلِم..

ومعهما.. سنتأمل فيما حولنا.. كيف كنا؟... وإلام صرنا؟

بالورقة والقلم: إطلالة خاصة بملتقى عزة أبو العز للموهوبين والمبدعين العرب..

التقيكم فيها لنفكر معًا.. ونحلم معًا .. ونتأمل معًا في كافة المسائل والقضايا التي

تدور حول "الإنسان".. سواء أكان طفلًا أم كبيرًا، رجلًا أو امرأة...

ولهذا ستتشعب بنا المسائل .. وتتفرع بنا المقالات، وتتشعب بنا الحكايات، وتجمعنا 

وجهات النظر.. ونحترم الاختلاف.. وننبذ الخلاف..


في هذا الملتقى الذي تقوده سيدة تؤمن بالقيم، والحوار، والتعددية، والديمقراطية، 

والمشاركة، ووجهات النظر، وتنوع المشارب.. سننعم بالكتابة والقراءة..وذلك...


بالورقة والقلم....


نصنع مستقبلًا .. يعرف التخطيط .. ولا يلتفت للعشوائية، ولا يقر التخبط.. أو الفهلوة، أو 

سرقة الأفكار.. ولكن صنع الأفكار.. مهما كانت بسيطة.. أو غريبة..

نسترشد بآراء العلماء، وأقوال الحكماء، ونظريات العلم.. وزوايا الفلسفة.. ورأي الدين.. 

في كُلٍ متكامل..


بالقلم: أكتب خالص الشكر والتقدير للسيدة عزة أبو العز مؤسس وأمين عام ملتقى عزة 

أبو العز للموهوبين والمبدعين العرب..



وفي الورقة سأكتب خالص الشكر والتقدير للموهوبين الصغار والمبدعين الكبار.. وكافة 

قراء الملتقى .. من كافة الأجيال.. 
  

أوجزت لك .. لتقرأ أنت الحلقة 12:





كتاب: “خبز الأقوياء”…


أوجزت لك كتاب: ” كتاب: “خبز الأقوياء” لمؤلفه إبراهيم المصري، الصادر عن دار المعارف المصرية ضمن سلسلة “اقرأ” في عام 1974م، ويقع في (232) صفحة من الطع المتوسط.
ولد الكاتب الراحل ابراهيم سليمان الحداد المعروف بـ “إبراهيم المصري” في عاصمة مصر “القاهرة”، في مطلع القرن العشرين لأسرة تعود جذورها إلى بلدة دير القمر بجمهورية لبنان، من آل الحداد “سليمان الحداد”، ويعد المصري رائدًا للقصة النفسية، وواحد من كبار كتّابها، وله العديد من المؤلفات الأخرى، منها: “قصص البطولة”، و”كأس الحياة”، “نفوس عارية”، “وثبة الإسلام”، “صراع الروح والجسد”، “المرأة في حياة العظماء”، “الحب عند شهيرات النساء”، “عشرة من الخالدين”، “أعلام في الأدب النسائي”، “قلب المرأة”، “أغلال القلب”، “شروق الإسلام”، “أرواح ظامئة”، “الشاطئ والبحر”، “الوجه والقناع”، “أضواء على الأدب والحياة” الناس والحب” وغيرها من المؤلفات التي تتميز بالغزارة والتنوع والعمق والرشاقة في الأسلوب، وإن ظل كتاب “خبز الأقوياء” الماثل بين أيدينا أقواها، وأعلاها، وأحلاها.
يتناول الكتاب العديد من القيم:

في قيمة الأخلاق، في قيمة المال، في قيمة الإرادة، في قيمة الحب، في قيمة الثقافة، في قيمة الأدب، في قيمة الفن، في قيمة الوطنية، في قيمة الدين، وقد أشار الكاتب في كلمته القصيرة التي صدر بها كتابه إلى أن القيم المعنوية هي فخر الإنسان، وأن الإنسان لا يستطيع أن يعيش بدونها وإذا عاش فسيكون بلا روح، كما سيكون نهبًا لغرائزه التي ستنطلق من عقالها لتتحكم فيه: (وفي هذا الكتاب خواطر وتأملات في تلك القيم، من خلقية، وعاطفية، ووطنية، وثقافية،أعتقد وأؤمن أن الحياة لا تكتمل إلا بها، وأن في رياضة النفس والفكر عليها تتمثل في الواقع قيمة الإنسان…. فإلى كل من لا يقنع بالمتوسط الشائع المألوف من الآمال والرغبات، بل يتطلع في لهفة الجائع إلى حياة خصبة عليا، أقدم هذا الخبز المنتقى، خبز التجربة والألم، خبز الطامحين الأقوياء).

ومن آخر كلمات التقدمة يأتي عنوان الكتاب، الذي يبدأ بقيمة الأخلاق وبالتفرقة بين عبقرية التفوق والتحدي في ميادين العلم والفن والأدب التي قد لا يدركها الفرد ولكن في مقدوره أن يتحدى المتفوقين في ميادين الفضائل والأخلاق.
يبين “المصري” السبب، لأن التفوق في العلم أو الأدب يصدر عن مواهب العقل ومميزات الفطرة، أما التفوق في الفضائل والأخلاق فيصدر أكبر ما يصدر عن القلب والروح، فمن الميسور على الإنسان والحالة هذه، أن يعوض نقص مواهب عقله بوفرة فضائل قلبه وروحه، إذ لكل إنسان قلب وروح يهديانه بالغريزة الاجتماعية المشتركة، إلى الإحساس بما للفضائل والأخلاق من قيم عملية وخصبة، إن هو استمسك بها استطاع أن يطاول أصحاب العبقرية في العلم أو الأدب أو الفن، بعبقرية مثلها، أو أبلغ منها؛ ألا وهي الفضائل والأخلاق.
تتميز الخواطر القصيرة التي يسوقها إبراهيم المصري في كل قيمة من القيم التي يتناولها بالبلاغة الشديدة حين لا يعمد إلى الترادف إلا إذا كان من باب إثارة الدهشة بالمقابلة أو إثارة التفكير، كما يبدو أنه بحق من الكتاب المتميزين في التعامل مع النفس بالبشرية من الدراسة والعمق والغرق في مكنوناتها، والخروج بالمضنون به في الإعلان عنه ومحاولة تكتمه.
من هذه الخواطر في قيمة الأخلاق تلك الخاطرة الشائعة والشهيرة عنه، وعنوانها: “الله والمال”، والتي يقول فيها: (إن من يريد أن يعبد ربين: الله والمال، لابد أن ينتهي رغمًا منه إلى الاعتقاد بأن الله غير موجود).
وحين ينتقل المصري إلى فصل “في قيمة الإرادة” تتأكد للقارئ معرفته الحقة بالنفس الإنسانية حين يرفض القدرية والاستسلام لحكمها، والتعويل عليها، فيقول: (القدر المحتوم علينا، هو القدر الذي نرضاه لأنفسنا)، فرد الأمر على الإنسان في رضاه بما هو عليه.
ثم هو يحذر في خاطرته “سلطان الخوف”: (تنبه إلى حقيقة نفسية ثابتة، وهي أن العقل لا يؤخذ إلا بالفكرة التي يريد أن يهتم بها. فإذا هاجمتك بغتة فكرة سوداء، فاسلاع وانصرف عنها إلى فكرة تناقضها، فكرة لا تمت إليها بأية صلة، ثم اهتم بهذه الفكرة اهتمامًا صادقًا لا يدع مجالًا لغيرها).
يتناول الكاتب إبراهيم المصري من خلال القيم التي صاغها مجموعة من القضايا التي تشغل الإنسان بصفة عامة، والعربي بصفة خاصة، والمجتمع المصري الذي يعيش فيه، ويلاحظ القارئ هذا بنفسه في عناوين خواطره والتي منها ما قد يبدأه بسؤال “هل الحب أعمى؟”، “من هو الفنان؟”، “لمن يصفقون؟”
كما أن هناك من العناوين التي يسوقها وتفرض في ثناياها سؤالًا خفيًا، يثيره في نفس قارئه، وحثًا ودافعية نحو تعقب إجابة الكاتب بشكل لا يفارقه الشوق واللهفة، والتي تأتي أحيانًا من كلمتين يفصلهما حرف العطف، أو عنوان مباغت، مثل: “أثوابنا وأرواحنا”، “بين العلم والفلسفة”، “بين العلم والدين”، “الإيمان والسعادة”، “الشعلة والمطرقة”، “الأسرة والوطن”، “تململ وطموح”، “الله والجمال”، “وحدة وكمال”، “الرمز والتجربة”، “بين النبوغ والعبقرية”، “نقيض وشبيه”، “وطن وفكر”، “الدين والدنيا”، الواقع والغيب”، “الله والوجود”، الشكل والمضمون”، “نجم وكارثة”، “الوهم والخيال”، “الحكيم والفنان”، “السنبلة والعجلة”، “الغباوة والكبرياء”، “الفلسفة والفضيلة”، “الكبرياء والطيبة”.
أما العنوان المباغت فيتمثل في: “عدو الفن”، “عدو الجمال”، آفاتنا الأربع، “المتعة المثلى”، “حبك يشبهك”، “روحانية الجسد”، “روح الله”, “بيروقراطية نزيهة”، “امتياز الروح”، “الشر الواعي”، “فوق الفلسفة” وغيرها.
يقول الكاتب إبراهيم المصري في كلمات قليلة كثيرة موجية ذات دلالة موجعة تحت عنوان “عزلة مروعة”: (أفجع ضروب العزلة ما نشعر به ونحن بين أهلنا).
ويقول مفرقًا بين الخيال والوهم: (ليست الفنون وهمًا، كما يعتقد البعض، إنها خيال، والخيال شيء، والوهم شيء آخر، الوهم يتغذى من نفسه، فيستنزف نفسه، فيختنق في بهو الدماغ المليء بالأشباح، أما الخيال فيصدر عن الواقع ويرتد إليه).
ينحاز إبراهيم المصري خلال كتابه إلى الحب المثالي، الروحاني، المتعالي على الجسد، فيصيغ كل هذا في خاطرة قصيرة مفهومها يتسع طولا وعرضا، فيقول: (كل حب يعلو على حب الجسد هو طريق نحو الله).
ما أروع الكاتب إبراهيم المصري حين ينفذ إلى نفس الشعب المنحط، ويربطه بمشاعر الأنثى، وكأنه فَقِه علم الاجتماع، وعلم السلوك، وسيكلوجية المرأة، وقيمة الاحترام والكرامة، فيقول: (في نفس كل شعب منحط، خلق أنثى، لا يحترم إلا متى خاف).
بعد ما تقدم أقول:
الواقع إنني لو تركت العنان للقلم لطفق ينقل من كلمات الكاتب الراحل معظم صفحات الكتاب سوى الصفحات التي بدأها بإهداء إلى الرئيس المصري الراحل أنور السادات، ثم الصفحات التي تناول فيها وطنيته حين بدأ الكلام في فصل “في قيمة الوطنية”، وتلك التي قصرها على المجتمع المصري، ولا أعلم السبب من وراء ما كتب، غير أنني كنت ارى أن الكتاب عندما يتناول العام المشترك يكون أرحب وأعم وأنفع، وأنه حين يتناول في بعض جوانبه الخاص، يكون أضيق، كما أن لحظة الاحتفاء بشخصية من الشخصيات تكون في وهجهها حال حضور الشخصية واللحظة الباعثة على هذا الاحتفاء، وعندما تمضي تفقد بريقها ووهجها، ولا تترك غير ذكرى في الكتاب غالبًا ما يمر عليها القارئ دون التفات أو اهتمام، على أن هذا لا ينقص من الكتاب قيمته وجودته وجدته، وحتى ما أشرت إليه تناوله قلم المصري بحب وصدق وإخلاص بعيدًا عن التملق والنفاق، وأن هذه كانت بمثابة مشاعر جياشة تجاه رجل يستحق؛ فقد كانت بعد أن أحرز نصر أكتوبر الكبير، وكتبها بأناقة أدبية لا تقل عن مستوى الأسلوب الغالب في الكتاب ككل.
ولو عاد الزمان دورته، لكنت عاتبت الرجل ـ رحمة الله عليه ـ على أن جاء بقيمة الدين في آخر ترتيبه لسلم القيم الذي أورده في الكتاب، وهو الذي كان يجب أن يأتي في أوله أو على الأقل بعد قيم الأخلاق، وهو الأعلم بموقع الدين من المزاج العربي، ولكن أن يأتي به في ذيل القائمة فهذا ولا شك أمر كان يجب الاحتياط له، غير أنه ربما عكس موقعه من نفس الكاتب، ذلك أن صفحاته جاءت أقل في العدد بالنسبة لصفحات باقي القيم.


في نهاية هذه الحلقة .. أترككم في سلام، وألقاكم في الحلقة القادمة مع كتاب موجز جديد.. دمتم آمنين…

أوجزت لك .. لتقرأ أنت الحلقة 11:







كتاب :”أحكام العبادات في التشريع الإسلامي 2 ــ 2″



نستكمل مع الكاتب فايق سليمان دلدول في الجزء الثاني سنن الصلاة، وهي التي طلب الله تعالى الإتيان بها بغير جزم، فإن لم يفعلها المصلي فلا يعاقب، وإن فعلها يثاب عليها. وأقسام السنة قسمين، هما: الأبعاض، والهيئات، وهذه الهيئات كثيرة في الصلاة ولا يسجد المصلي إذا نسيها سجدة السهو.
كما يتناول المؤلف كيفية الصلاة في النقطة التاسعة، وهو أن يقف المصلي متوجهًا إلى القبلة على طهارة في بدنه وثوبه ومكانه، مستورًا بلباسه غير مكشوف العورة، رافعًا يديه بمحاذاة منكبيه، ناويًا أي مستحضر النية بقلبه مع جواز أن ينطق بها، وينطق بتكبيرة الإحرام، مع وضع كفه اليمنى على اليسرى فوق أو تحت السرة جائز، وله أن يفتتح صلاته بدعاء الاستفتاح، ثم يتعوذ ويبسمل قبل قراءة سورة الفاتحة، على أن يجهر بالقراءة في مواطن الجهر وأن يسر في مواطن الإسرار، سواء أكان إماما أو منفردا، ثم يهوي بالركوع مراعيًا مساواة الرأس والعجز والتفريج بين الأصابع، وأن يسبح بقوله أثناء الركوع: “سبحان ربي العظيم”، وفي حال قيامه يقول: “سمع الله لمن حمده”، ثم يسجد مع تكبيرة الانتقال، ويقول في سجوده: “سبحان ربي الأعلى”، ثم يرفع رأسه من السجود مع التكبير بين السجدتين ويجلس باطمئنان وله أن يدعو، ثم يكبر في النزول للسجدة الثانية وبهذه السجدة تنتهي الركعة الأولى ليقوم منها ويكرر المصلي ما فعله في الركعة الأولى، غير أنه يجلس للتشهد في الركعة الثانية ويقرأ التشهد إلى “أشهد أن محمدًا عبده ورسوله” هذا إذا كان هذا هو القعود الأول من الصلاة الرباعية، فيقوم بعدها للركعة الثالثة والرابعة فيجلس للتشهد الأخير وهذا إذا كان أيضًا في الركعة الثانية من صلاة الصبح ويقرأ التشهد كاملًا، ثم له أن يدعو الله تعالى بما شاء بين التشهد والتسليم.
يشرح المؤلف فايق سليمان دلول في النقطة العاشرة سجود السهو والذي تناوله بالتعريف لغة واصطلاحًا، فهو السهو والنسيان لغة، وفي الاصطلاح الشرعي هو الخلل الذي يحدثه المصلي في صلاته ويأتي سجود السهو لتصحيح وجبر الخطأ، وذلك رحمة من الله تعالى لكي لا يشق على المسلم فيعيد صلاته من جديد.
وحكم سجود السهو لمن صلى إمامًا أو منفردًا، أما من صلى جماعة خلف الإمام فعليه أن يتابع الإمام في السهو ولا يخالفه، ولا يسجد المأموم سجدة سهو إذا أخطأ هو فالإمام ضامن ويتحمل عنه سهوه، كما تناول أسبابه وصفته وهي سجدتان يأتهما المصلي كسجدة الصلاة مع استحضار النية القلبية، ويأتي بالسجدتين في نهاية الصلاة بين التشهد والتسليم اتباعًا لسنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
يصل الكاتب إلى النقطة الحادية عشر وهي التي تختص بقضاء الصلاة، والقضاء هو أن يأتي المسلم بالصلاة التي خرج وقتها في وقت غير وقتها. وحكم القضاء في حق المسلم واجب إن كان تأخيرها عن وقتها سهو منه أو بقصد، غير أنه يأثم إذا تعمد التأخير، ولكن من أخرها لعذر شرعي قهري فلا يأثم على ذلك، مثل عذر الحيض والنفاس والإغماء، فلا يقضيها فقد سقطت عنه، وعليه أن يرتب الصلوات التي فاتته ويصليها قبل الصلوات الحاضرة إلا إذا خاف فوات الحاضرة صلاها أولًا، ومن فاتته صلاة في السفر قصرًا صلاها في الحاضر كاملة.
بعد هذه النقطة تطرق الكاتب لصلاة الجماعة ومشروعيتها وفضلها وحكمتها، كما تناول جمع الصلاة وقصرها، وهما من الرخص التي منحهما الله تعالى للمسافر تخفيفًا عليه، فيقصر الصلاة الرباعية دون غيرها بأن يجعلها ركعتين بدلًا من أربع ركعات، وأن يجمع بين الصلاتين، والأصل في الجمع والقصر ما ورد في القرآن الكريم والسنة المطهرة، وقد اشترط العلماء أن يكون السفر في طاعة الله تعالى أي في غير معصية، ويخير المصلي بين القصر والإتمام حيث أن القصر رخصة له إن شاء استعملها، والأفضل له أن يستعملها.
وقد تناول الكاتب عبر هذا الفصل صلاة الجمعة، كما تطرق لصلاة العيدين، وكيفيتها، وآدابها، وحكم صلاة الكسوف ، وحكم صلاة الاستسقاء، وصلاة الخوف، وكذلك تناول صلاة الجنازة ، ثم اختتم الكاتب الفصل بتناول صلاة التراويح مشروعيتها وحكمها.
بعد ما تقدم أقول:
ليس هناك من شك أن المستفاد من التطرق لموضوع الصلاة فيه من الخير الكثير ذلك أن الصلاة خير موضوع، ومن المهم ألا يستهين مسلم بمراجعة أحكامها وأوقاتها وكيفياتها، ذلك أن هناك ما يدور حوله الخلاف بين المصلين في المساجد في بعض المسائل الخارجة عن كونها من أركان الصلاة من سننها، أو هيئاتها ومع هذا ينزلونها منزلة الركن، كما أنهم يشتطون في أحكامهم فيعطون درجة الواجب إلى ما هو مستحب، ولقد ذكر الكاتب ـ جزاه الله خيرًا ـ بعض الحكم الكامنة وراء الأحكام من مثل ارتباط صلاة الكسوف بالإسرار في القراءة، وارتباط الجهر في القراءة بصلاة الخسوف وأن الحكم هنا منصرف لعلة أن الكسوف آية من آيات الله التي تقع في النهار، والصلوات النهارية في الإسلام مثل الضحى والظهر والعصر صلوات واجب فيها القراءة السرية، وأن الخسوف آية من الله تعالى تقع في الليل والصلوات الليلية في الإسلام مثل العشاءين الصلوات فيهما جهرية.
على خير موضوع كنا معًا في هذه الحلقة، وعلى خير ألقاكم في الحلقة القادمة مع كتاب جديد موجز.. إن شاء الله.. دمتم في أمان الله…

الاثنين، 28 أغسطس 2017

"مالك بن نبي" .. رؤية جزائرية






لا يمثل المفكر الكبير مالك بن نبي الجزائر وحدها لعلة ميلاده بها، ولكنه يمثل الحضارة العربية والإسلامية بتاريخها العريض والممتد حتى في لحظتها الراهنة، وقد كان لاهتمامه بالحضارة شأن عظيم رأى فيه البعض أنه الامتداد الطبيعي للعلامة "ابن خلدون"، ولهذا فقد أخرجت عجلات المطابع في الشرق والغرب الكتب والدراسات التي ترصد كل مخرجاته الفكرية التي تعد علامة فارقة في التاريخ العربي والعالمي.

 على الرغم من هذا فأهل الفكر والثقافة في بلده الجزائر من الذي يتابعون ما أبدع لهم رؤية خاصة بهم وبمفكرهم بن نبي يستطيع الباحث عنها أن يستخلصها من كتاباتهم ودراساتهم عنه، وحواره معهم؛ إذ يرى الدكتور بدران مسعود بن لحسن أستاذ مقارنة الأديان والذي خصص رسالتيه في الماجستير والدكتوراه عن المفكر الراحل مالك بن نبي، أن بن نبي هو مؤسس المنظور الحضاري للنهضة في العالم الإسلامي، وأن الإنسان عنده كان له  الأولوية الكبرى، وأنه لم يكن مفكرا أيديولوجيًا، ولا كاتبًا مغرمًا بالتنظير، ولا داعية مهتمًا بتجميع الناس حول فكره، ولا سياسيًا يطالب بالحقوق، ولكنه عالم ومفكر وصاحب دعوة وفيلسوفًا واسع النظر ومهندس أفكار نادر الوجود، وصاحب مشروع تجديد حضاري لم يتم استغلاله بعد، وأن الجزائر لم تستفد منه مثلما لم تستفد منه أمته من حيث منظوره، ومنهجه، ومفاهيمه، والحلول التي اقترحها.

   
   ومن حسن الطالع أن أتحاور مع شاعرين كبيرين من ولاية تبسة التي انتقل إليها والد المفكر الكبير الذي كان يعمل موظفًا بالقضاء الإسلامي حيث تلقى فيها دراسته القرآنية والابتدائية بالمدرسة الفرنسية، أما الأول فهو الشاعر ياسين عرعار من مدينة الونزة، والثاني فهو  الشاعر عادل سلطاني من مدينة بئر العاتر.

  وقد وجهت سؤالي الأول للشاعر ياسين عرعار:

ــ جادت قريحة الجزائر فأنجبت ذلك المفكر الفذ "مالك بن نبي" الذي تلقفه رئيس زعماء المشرق العربي وشعبه بالتقدير والترحاب، فبوصفكم من طليعة المثقفين العرب، هل ترى أن الجزائر ـ دولة المفكر الأم ـ استطاعت أن تستفيد من فكر هذا العبقري الفذ بخاصة؟ وهل استفاد منه العرب والمسلمون بعامة؟ وكيف نستفيد من عطاء هذا العبقري من وجهة نظركم؟

ــ أخي العزيز الأديب السيد إبراهيم أحمد، سؤالك يا صاحبي فيه نداء للعقول العربية المثقفة ورسالة سامية إلى الأنظمة العربية لكي تعيد النظر في قانون الحضارة الذي أهملته أو ربما كانت لبنته ضعيفة بسبب المفاهيم المغلوطة والصراع السلطوي والانسداد الفكري وغيرها من الأسباب التي جعلت الأمة العربية تعيش في فوضى وتبحث عن مخرج للخلاص من مشكلاتها العويصة.

  الباحث العالمي "مالك بن نبي" هذا المفكر الإسلامي الذي كان له الأثر الكبير في تجسيد صورة المجتمع الحضاري الإسلامي ، بعد دراسة عميقة لمشكلات الأمة انطلاقا من رؤية حضارية إسلامية متكاملة تعرض خلالها إلى المجتمع العربي حيث قدم عصارة فكره الفذ للعالم العربي خاصة وللإنسانية بمختلف جنسياتها وانتماءاتها عموما.

أخي العزيز الأديب السيد إبراهيم أحمد .. ضمن هذه الثلاثية الرائعة في سؤالكم .. سأتحدث قليلًا وبتواضع عن "مالك بن نبي" فهو فذ من أفذاذ العرب العلماء والمفكرين وفلاسفة العالم.

    تذكرت أنني في معهد الأساتذة للغة العربية قسم السنة الأولى سنة 1991 كانت لنا دراسة حول مالك بن نبي في كتاب "مشكلة الثقافة" و كتاب "شروط النهضة"، وبصراحة غصنا وأبحرنا في فكر الرجل من خلال المادة المكتوبة ولا أخفي عنك أنني وجدت نفسي أتعامل مع مادة صعبة للغاية خاصة وأنها ذات منطلقات فلسفية قوية ومركزة، ورغم أن دراسة الكتابين دامت سنة كاملة إلا أنني وقفت على أن المفكر أسس للحضارة المعاصرة في إطار الفكر الإسلامي، وهو ينطلق من واقع المجتمع ليصل إلى البحث عن التغيير والتجديد على مستوى التفكير الإنساني في كيفية الرقي الإنساني الحضاري .. أسلوب "مالك بن نبي" يمتاز بالفلسفة العميقة والاستقراء الموضوعي لبنية المجتمع الإنساني.

ربما اختلفت المفاهيم حول معنى الحضارة والثقافة لدى الكثير من الباحثين، لكن "مالك بن نبي" لم يكتف بالتعريف منذ البداية، بل انطلق من إشكالية لبرهن عليها في بحثه، فمن خلال الكتاب يمكن للقارئ أن يصل إلى وضع المفهوم الذي أراد "مالك بن نبي" فهو لا يملي علينا بل يجعلنا نغوص معه في البحث والاستقراء إلى أن نقف على حقيقة التعريف وهذا تبعًا لمستوياتنا الثقافية والفكرية أثناء التحليل للمادة والفكر جادت قريحة الجزائر بأعز أبنائها وهو المفكر العالمي الفيلسوف "مالك بن نبي" الذي وضع حجر الأساس لقيام الحضارة لا لقيام شعار دولة .. هذا المفكر الذي تلقف كل العالم فكره وفلسفته فصارت كل الجامعات في العالم تدرس فكر "مالك بن نبي" وتسعى جاهدة في الوصول إلى تحقيق نهضتها.

"
الجزائر .. أم المفكر" وضعت فكر الرجل "مالك بن نبي" في مقدمة الكتب والأفكار وقدمت عصارة فكره للأجيال المتعاقبة عبر قنوات كثيرة مسموعة ومقروءة ولا يزال الباحثون يجتهدون في تحقيق رسالة الفيلسوف العالمي "مالك بن نبي".
 
  أقيمت العديد من الملتقيات الفكرية والثقافية حول فكر "مالك بن نبي" في الجزائر ولا تزال تقام وهذا دليل على أن الأم لن تتخلى عن عطاء ابنها المجاهد بالفكر والقلم، كما أن للدول العربية اهتمامات كبيرة بفكر "مالك بن نبي" خاصة المحافل الدولية التي أقامتها مصر ولا تزال تقيمها من أجل دراسة الفكر الحضاري للمفكر الموسوعي "مالك بن نبي" وهذا من خلال الملتقيات الفكرية التي حضرها كبار المهتمين والباحثين العالميين، وذاعت سمعته الفكرية في كل الدول العربية ليصير عنوانا بارزًا في المكتبات العربية واسمًا مميزًا في قائمة فلاسفة العالم لأن أفكار "مالك بن نبي" صارت على صفحات أكبر الباحثين والمهتمين بالإنسان ورقيه الحضاري.


ــ وسؤالي الثاني أوجهه للشاعرين معًا: هل ترى أن الجزائر ــ دولة المفكر الأم ــ استطاعت أن تستفيد من فكر هذا العبقري الفذ بخاصة؟ وهل استفاد منه العرب والمسلمون بعامة؟

ــ يجيب الشاعر ياسين عرعار، فيقول:

استفادت الجزائر من فكر الرجل المفكر "مالك بن نبي" خاصة وأنه جسد المجتمع الجزائري بين خلال كتابه "النجدة...الشعب الجزائري يباد" سنة 1957 وكتاب "آفاق جزائرية"سنة 1964. واستفادت أيضًا من كل كتبه في بناء مجتمع مسلم ينعم بالديمقراطية.

 ومع ذلك يبقى فكر الرجل أرقى بكثير لأن الواقع مهما نافس المثالية فلا يمكن أن يساويها، وتبقى النسبية هي الفاصل بين الواقع والمتخيل. أما عن الدول العربية الأخرى فأكيد أنها استفادت وإلا فلماذا تقام دراسات ضمن أكبر المحافل الدولية لمعانقة فكر الرجل ودراسة مشروعه الحضاري الإسلامي المتميز؟

تبقى حظوظ الاستفادة متفاوتة ونحن نلمس الكثير من التغيير البسيط أو محاولات التغيير لدى المثقفين .. خاصة وأن الصراع قائم بين الأنظمة الجائرة والفكر الإسلامي.
 
صديقي الأديب السيد إبراهيم أحمد ... الإشكالية أراها ــ من وجهة نظري ــ ثلاثية الأبعاد:
فالأولى ؛ أن الأمة العربية "تقرأ شكلاً فقط" وتقف موقف المنبهر!
والثانية ؛ أنها ربما تحسن القراءة وقد تخطئ حين التطبيق! 
والثالثة ؛ ربما هي عاجزة تمامًا عن الفهم وعن كيفية التطبيق والتغيير!  

والخلاصة  هي: "ما الفائدة من القراءة والاعتراف بالفكر دون التطبيق وحسن التغيير؟"
ولكن تبقى الإشكالية مطروحة والصراع قائمًا، لأن العالم العربي يعيش صراعًا داخليًا قبل أن يكون صراعًا مع أعدائنا الحاقدين..

   وبالتالي نستنتج أن مشكلة النهضة والثقافة وغيرها من المشكلات التي تعرض لها "مالك بن نبي" هي مشكلة الفكر الإنساني المتخلف التي أدت إلى الصراعات الخاطئة والوحدة العربية المشتتة !

يجيب الشاعر عادل سلطاني، فيقول:

ما من شك أن المفكر مالك بن نبي فيلسوف الفكر والحضارة قد قدم لأمته الإسلامية الشيء الكثير وللإنسانية جمعاء مَعينًا فكريا فلسفيا بمنظور إسلامي حديث ، فشاكلة هذا الموسوعي العالمي دون مبالغة مزيفة مخادعة للوعي بالواقع والوعي بالممكن لن تتكرر فكان مجددًا نهضويًا حديثا فقه ظاهرة "النحن" المتخلفة الرازحة تحت نير التبعية والتخلف، حيث عالج مفكرنا العملاق الكثير من القضايا الشائكة التي ارتهنتنا في الفضائين المكاني والزماني وعكست تخلفنا وتبعيتنا القاتلة من خلال مقولات راقية افتكت الخلود الفكري بجدارة واقتدار، فلم ينفك هذا العبقري بأفكاره الخالدة الحضارية على غرار "الأفكار القاتلة والميتة" و"القابلية للاستعمار" و"الفكرة الأفرو أسيوية" وغيرها من الأفكار النهضوية الراقية التي تزخر بها مؤلفاته التي انكبت على دراسة وتشريح واقعنا المتخلف بموضوعية علمية عالية.

     أين قام بتشريح داء الأمة ووهنها معتمدًا على مقاربات إبستيمولوجية فيلسوفة عالمة عاقلة واعية تصلح بامتياز لتبقى حدثا استشرافيا منهجيا يتوخى العلمية الدقيقة؟ فكان بحق طبيب المجتمع المريض في تشخيصه الدقيق لمواطن الداء ليعطي بعد هذه الدقة التشخيصية العلاج الناجع الملائم للظروف المحيطة بهذا الجسد الاجتماعي المنهك المأزوم، فكانت"الظاهرة القرانية" و "شروط النهضة" وبقية كتبه شاهدة على العصر، حيث لم نستفد من نظرياته الفكرية ولا العلمية المختلفة حيث كان ميلاد مؤسسة مالك بن نبي في وطنه الجزائر حدثًا جمعويًا ميتا حيث تمت عرقلة هذا المشروع الذي أسيل فيه حبر كثير على صفحات جريدة الشروق الجزائرية.

   ولست هنا بصدد تكرار ما قالته هذه الصحيفة وإنما أريد أن ألفت الانتباه إلى محاصرة فكره في حياته في وطنه ثم بعد رحيله عن الحياة الدنيا في وطنه الذي لم يكرمه إلا بالعقوق فنحن حقيقة كجزائريين دولة وشعبًا عاقون لفكر هذا العملاق الرائد النهضوي المجدد، حيث كان ولايزال فكر هذا الرجل يذرع الآفاق أين خصص له جناح سمي باسمه في الدولة العبرية التي تعنى بمخابر الفكر والبحث وتقصي طرق التطور والتقدم حين اعتنت بفكره لتسلط مزيدًا من القهر على أمة هذا الرجل العاقة لهذا النهج التنويري التفكيكي الحديث، وقامت الدولة التركية بتطبيق فكره على مستويات "سوسيو/اقتصادية" فكان التطور حليفها والدولة الإيرانية أيضا كما الدولة الماليزية وغيرها فكانت هذه الاهتمامات بتطبيق فكر هذا الموسوعي المحاصر في عقر داره تدل على مؤشرات سلوكية نهضوية تحاول أن تنتشل هذه الدول من وهدات الفقر والتخلف والتبعية فمتى سنستفيق نحن الجزائريون من غفلتنا وعقوقنا على المستويين الرسمي والشعبي لنرد لهذا الرجل دينه الفكري بتطبيق مشاريعه التنموية الشاملة على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية لنواكب سيرورة وصيرورة التطور والعصرنة الصحيحة والتقدم التحديثي السليم في إطار مقدَّراتنا الطبيعية والاجتماعية والبيئية وغيرها؟

    عسانا نغادر عنق زجاجة القهر والتخلف نحو التنمية الشمولية البناءة الهادفة لنخرج من إسار الأفكار الميتة الموروثة من الجانب السلبي السيء المرضي في ثقافتنا والقاتلة المكتسبة من الجانب السيء في الثقافة الغربية أين تم استدماج هذه الأخيرة لتعزز الموروث القاتل "الذي كان فكرًا مملوءًا بالحياة في فترة الإنسان الموحدي "ليصبح بعد ذلك" فكرًا ميتا يجول في ذواتنا مابعد الموحدية" يمتص الفكر القاتل الغربي المرضي لنبقى نحن في إسار دورته الروتينية القاتلة..


ــ وأوجه سؤالي للشاعر الكبير ياسين عرعار: كيف نستفيد من عطاء هذا العبقري من وجهة نظركم؟

ــ صديقي العزيز الأديب الكبير السيد إبراهيم أحمد،  نستفيد من عطاء هذا العبقري بإعادة قراءة كتبه مرات ومرات و نحاول قدر الإمكان التطبيق الفعلي للفكر الرائد ، وفي كل مرحلة نستقرئ أنفسنا أمام مرايا كتب وفكر "مالك بن نبي" .. هذا العملاق الذي احتفل العالم بترجمة أفكاره وكتبه إلى لغات عديدة ..قصد الاستفادة الحقيقية في بناء الحضارة .

   لن أطيل لأنني أجد نفس عاجزا عن التعبير أمام ضخامة فكر الفيلسوف العربي "مالك بن نبي" .. فمن أراد الحضارة واستعادة المجد والموروث الحضاري الذي ضاع منذ قرون فلا بد أن يقرأ مؤلفات وكتب "مالك بن نبي" ليعرف شروط النهضة الحقيقية وأسس الحضارة الإنسانية الراقية:  

 
الظاهرة القرآنية (1946)،  شروط النهضة (1948(، وجهة العالم الإسلامي (1954)، الفكرة الإفريقية الآسيوية (1956(،" النجدة...الشعب الجزائري يباد" (1957(، مشكلة الثقافة (1958)،  فكرة كومنولث إسلامي (1958)،  الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة (1959)،  "حديث في البناء الجديد" (1960)،   "تأملات" (1961(، في مهبِّ المعركة (1962(، "آفاق جزائرية" (1964(،   "إنتاج المستشرقين " (1968(، الإسلام والديمقراطية" (1968)،  "مذكرات شاهد للقرن (1970)،  "مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي (1970(،  "المسلم في عالم الاقتصاد" (1972)،  "بين الرشاد والتيه" (1972)،  دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين (1972)، وغيرها من الكتب والمقالات التي تركها الكاتب الفيلسوف "مالك بن نبي" .

بالأمس فقط ــ أخي الكريم الأديب السيد إبراهيم أحمد ــ زرت مدينة (تبسة) الواقعة على بُعد 70 كم من مدينتي، فمررت أمام بيت الفيلسوف المفكر "مالك بن نبي" لحظة تجوالي بالمدينة، فاستوقفني المسكن القديم المهجور الذي كان يسكن فيه، إنه مسكن تاريخي لا يزال يشرق بعظمة المفكر "مالك بن نبي" رغم هشاشة المبنى.


      انتهت إجابة الشاعر ياسين عرعار، وفي النهاية أقول أنه مابين جهل الأبناء من ورثة المفكرين والأعلام، وإهمال الدولة للتصدي لشراء بيوتاتهم من عوائلهم يضيع تراث تاريخي وفكري هائل، يُحرم منه الأجيال المتعاقبة من أبناء العروبة والإسلام.. وهذا قاسم مشترك بين كل الورثة والدول العربية والإسلامية اللهم إلا من رحم ربي، على عكس ما يحف به الغرب من هالات التبجيل والجلال حول بيوت أعلامه ونوابغه بتحويلها إلى متاحف، لينكشف لنا الفارق الحضاري الحادث في جدار الحضارة العربية التي تتماسك بالكاد، والمدنية الغربية التي تستقوي ببعضها..  كما تعكس اضطراب الرؤية الجزائرية نحو المفكر والفيلسوف الكبير "مالك بن نبي"، وهي الرؤية التي تتقاسمها جميع الدول العربية تجاه أبنائها المبرزين من عدم الاستفادة القصوى من نتاجهم الفكري بشكل عام.