الثلاثاء، 21 ديسمبر 2021

مقطع من مداخلة دكتور السيد إبراهيم بعد عرض مونودراما أبلكيشن للكاتبة سم...

"أنواع التعبير الأدبي.. د. السيد إبراهيم أحمد أنموذجا" .. بقلم الأديب الكبير محمد ناصر شيخ الجعمي .. "مجلة أقلام عربية" ع62..

  
















  

 يقول الشاعر بابلو نيورودا: 

"وهل ثمة ما هو أكثر بعثا على الكآبة من قطار متوقف تحت المطر  .. تذكرتُ ذلك وأنا أستمع لقصة القطار للأديب والمفكر العربي المصري د. السيد إبراهيم أحمد والفائزة في مسابقة قصص على الهواء من أثير إذاعة BBC  في لندن بالاشتراك مع مجلة العربي الكويتية.. 

  وهل ثمة ماهو أكثر بعثا على الحزن من  قطار يوغل في الرحيل..  هكذا كنت أردد وأنا أقرأ نهاية القصة  يقول الدكتور: 

  لم يسمعها.. كان قد أخذ قراره، واتجه نحو القطار مسرعًا.. يعانق ظله ظله.. يتحدان.. تصرخ فيه.. رأتهما جسدًا واحدًا.. خيل إليها أنه غطى بجسده القطار أو أن القطار قد تمدد فيه.. يُلَوِحُ لها من العربة الأخيرة.. تحاول أن تلحق به، تصرخ باكية:  

 ــ عد.. 

   يتكلم.. تصغى.. يأكل آخر كلماته صوت قطار يعلن عن رحيله.. لم تسمع . تزجره... ذهب صوته.. وذهب القطار... لتبقى وحدها والدرب الطويــل"

       يا لهذا الرحيل ما أوجعه أنه يشبه قطار عملاق الشعر محمود درويش: "مَرَّ القطارُ سريعاً، كُنْتُ أنتظرُ.. على الرصيف قطاراً مَرَّ، وانصرَفَ المُسافرونَ إلى أَيَّامِهِمْ ... وأَنا ما زلتُ أَنتظرُ"

      جمع د.  السيد إبراهيم بين كتابة القصة والنقد الأدبي والشعر  إضافة إلى مؤلفاته في مختلف أنواع التعبير الأدبي وكانت السيرة النبوية من أهم المحطات التي توقف عندها واعطاها جل إهتمامه تقول:"روعة محسن الدندن"في قراءة نقدية رصينة: 

"لقد قرأتُ السيرة النبوية مفرقة ومجمعة مثلما قرأتُ عن صاحبها ﷺ عند عملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد وعميده الدكتور طه حسين، مثلما قرأتها عند علماء وأدباء بلدي سوريا ومنهم الدكتور مصطفى السباعي والدكتور البوطي عليهم جميعا رحمة الله، مثلما قرأتها عند الدكتور السيد إبراهيم بأسلوبها العصري، وزواياها الجديدة في بعض تناوله لأحداثها، وقد علمته يكتب الشعر، ويمارس النقد والقص والمقال والحوار، وسألته ذات يومٍ عن سبب اتجاهه للكتابة في السيرة النبوية بخاصة والدينية بعامة، وانقطاعه عن الأدب وانصرافه لأدب السيرة انصرافا تاما دام لسنوات، وكان جوابه أن السيرة معطاءة مغداقة لا تبوح بكل أسرارها لفرد واحد من الأمة، ولا لفرد في عصر دون عصر، ولذا فهي متجددة تبحث عمَّن يبحث عنها ويبحث فيها ويكتشف فرائدها ودررها، والسبب الأهم عنده كان في تقليدية التناول للسيرة حتى انصرف عنها كثير من الشباب، وأيضا لجهل كثير من الشباب بأحداثها، والتعامل السطحي والمتسرع والناقد بجهل معها في زمننا.

لقد كتب الدكتور السيد إبراهيم كتابه “حراء .. غار النور”، وهو أول عمل في العالم الإسلامي يتناول هذا الغار بكل أبعاده، أي أنه يستغرق كل أحداث الكتاب لا ينصرف إلى حديث غيره، ولم يكن هذا أول كتبه في السيرة من حيث الإصدار، ولكن دعوني أعرضها بحسب تاريخية الأحداث كما خطط لها الكاتب، خاصة وأنه يرى أن هذه اللحظة التاريخية الفارقة في تاريخ العرب والإسلام والعالم ، غالبا ما يتم النظر إليها بسطحية، وعفوية دون التعمق فيها، مع كون المستشرقين يودون تشظيها وتفجيرها كأحد أهم ركائز البنيان الإسلامي.

من كتب الدكتور السيد إبراهيم المبكرة، كتيب صغير بعنوان “المعجزة المحمدية” ولكنه انتشر بين الشباب سريعا لما وجدوه من لغة جادة وجديدة تخاطبهم، وأسلوب يحترم عقولهم، وعصرهم، فأتبعه الكاتب بكتاب أكبر بعنوان “محمد ﷺ .. كما لم تعرفوه”، وللأمانة العلمية أشهد أن العنوان تم اختياره من قِبل اللجنة العلمية لدار النشر وليس من اختياره، وكما حدث مع الكتيب حدث مع الكتاب، وتلقفته الأيدي والقلوب لما فيه من منهج جديد يتعامل بحرفية وعلمية وأكاديمية وتوثيق مع الأحداث، وهذه إحدى ركائز منهج الكاتب في تناوله للسيرة النبوية، وهي الاعتماد على صحيح المنقول من الأقوال والأحاديث الشريفة الصحيحة متنًا وسندًا، وإثبات درجتها، وتحقيقها، وعزو الآيات القرآنية، وهوامش مثبت بها كل مرجع عاد إليه، وثبت بالمراجع دقيق، وهو ما استفاده من مناقشة الشباب الذين ضجروا من الأقوال المرسلة من بعض الخطباء بالمساجد حين يقولون قولتهم الشهيرة: (قال عالم من الغرب) دون أن يذكروه.

من الكتب الهامة التي قرأتها وتحيزت لها كتابه عن “نساء في حياة الرسول ﷺ”، وقد تناوله بأسلوب قصصي محبب، وتضمن الرد على الشبهات، وقد أتى بكل السيدات الإيجابيات في حياته صلى الله عليه وسلم بحسب الترتيب الزمني، وأزال كثير من جهالات يرددها البعض عن غير قصد أو قصد، وبين أسباب التعدد وأهدافه، ونقل الصورة الواقعية لتعامل أمهاتنا أمهات المؤمنين ليتعلم منها الرجل والمرأة كيفية التعامل الحياتي استرشادا بتعامل الرسول ﷺ، ولم يقدم الكاتب البيت النبوي بأسلوب مقدس أو مثالي لا يمكن تطبيقه، بل جعله في متناول المرأة عموما ولو غير مسلمة من خلال دراسة له، عنوانها “استرشاد المرأة العصرية بحياة أمهات المؤمنين”.

ولقد خصص الدكتور كتابا مفردا للدفاع عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، بعنوان “حبا في أمي عائشة”...

              وقد كان منهج الكاتب منهجا علميا استخدم من خلاله المراجع التاريخية الجديدة، والدراسات العلمية الحديثة، ومنهج مقارنة الأديان، ومنهج الدراسات التاريخية... 

       جاء كتاب: “منهاج الزهد في حياة الرسول ﷺ” في موقعه تماما من أحداث السيرة حيث عرض فيه الكاتب مواقع الالتباس بين الفقر والزهد في حياة الرسول ﷺ، وهل كان الرسول ﷺ فقيرًا أم زاهدًا؟ وكيف نقل مفهومه عن الزهد إلى كل من حوله بدءًا من أسرته ثم إلى الصحابة رضوان الله عليهم، عبر وسائل الاقتداء والتطبيق. 

للدكتور في النقد الأدبي دراسات نقدية لا يتسع الحيز للحديث عنها   أذكرمنها 

دراسة بعنوان:" ابن وَكِيع التِّنِّيسِيّ: بين الشعر والنقد والفن..  تناول  فيها مكانة التنيسي في ديوان الشعر العربي "من خلال ديوانه بوصفه أقدم شاعر مصري عربي وصل إلينا قدر من شعره، في تأريخ مهم لبداية استخدام اللغة العربية في الأدب المصري،

مكان التنيسي في ميدان النقد العربي:تناول فيها علاقته بالمتنبي... 

وعن مكان التنيسي في مجال الفن العربي قال: 

هذا المجال هو الجديد الذي أتطرق إليه لأنه غائب في تناول تاريخ الرجل ولا يكاد يعرفه إلا القلة القليلة من المتخصصين في مجال التأريخ الفني، وهو أن ابن وكيع لم يكن بعيدًا عن الفن العربي،" 

ومن منا لم يطرب لهذا الهديل الذي ينساب في رقة ودعة يقول ابن وكيع: 

" غَرَّدَ الطَيرُ فَنَبِّه مَن نَعَسْ.. وَأَدِر كَأسَكَ فَالعَيشُ خُلَسْ

سَلَّ سَيفُ الفَجرِ مِن غِمدِ الدُجى.. وَتَعَرّى الصُبحُ مِن قُمصِ الغَلَسْ

وَبَدا في حُلَلٍ فِضِّيَّةٍ... نالَها مِن ظُلمَةِ اللَيلِ دَنَسْ

فَاِسقِني مِن قَهوَةٍ مِسكِيَّةٍ... في رِياضٍ عَنبَرِيّاتِ النَفَسْ" 

هذا غاية المراد من تناول شاعر، ناقد، حفر اسمه في تاريخ الأدب العربي، لم تزل تتردد في قاعات العلم والدرس سيرته وعلمه، وستظل تذكره الأجيال القادمة كما ذكره جيلنا والأجيال السابقة عليه ما دامت العربية قائمة فينا لغة ولسانا وبيانا وشعرا ونثرا"

      ليس بوسعي  الاحاطة بهذه القامة السامقة في هذه العجالة ولكنها  محاولة نلقي فيها الضوء على شخصية محورية  على علاقة وطيدة بالتراث  والموروث  الشعبي والديني  والشعر العامي والنقد والأدب العربي بمفهومه الواسع والرحيب وبأسلوب  واقعي سلس وجميل  بعيد  عن  التكلف والافراط في الأخيلة  وأستخدام  استعارات وتشابيه، "فالكتابة الأدبية ليس عمادها المجاز"  بحسب الدكتور محمود عمر خيتي: "لقد كان هذا صحيحًا في أزمنة خلت. 

نحن الآن نعيش عصر ما بعد الحداثة، صار التعبير بالحقيقة هو الغالب في التعبير الأدبي... 

لان الزخرفة اللغوية والمجازات المتلاصقة ليست من صفات الأديب الحقيقي"

            في ختام دراستها عن رباعيات السيد إبراهيم الشعرية قالت الدكتورة رانيا يحيى أستاذ النقد الأدبي الحديث: 

"نستمتع بالكتابة الشعرية للمفكر والأديب الأستاذ السيد إبراهيم أحمد صاحب الأعمال المتعددة في الكتابة للأطفال والكتب الدينية حول الإسلام الوسطي السمح والكتابات الشعرية الهادئة فى كل موضوعاتها التى تلامس جوانحنا كالطيف الساحر بين مشاعر الأمومة تارة، ومشاعر الحب الإنسانى تارة أخرى، ليتداخل كل هذا وذاك في بوتقة كبيرة يشع منها ضياء تتلألأ في حب الوطن الغالي مصر.

في هذه الرباعيات أشعر باختصار أنها "فلسفة حياة".

انتهى كلام الدكتورة رانيا..

 وقد  وصلنا إلى نهاية  الرحلة الماتعة ولم نرتو من هذا العذب الفرات 

الم يقل شيخ المعرة: 

"مِنَ الناسِ مَن لَفظهُ لُؤلُؤٌ...!!"

الاقتحام الخاطئ قصة دكتور السيد إبراهيم .. ترجمة دكتور هادي عميرة

 

   إذا ضاقت بكم الصدور فعليكم بزيارة القبور .. نصيحة كانت أمه ترددها دائمًا لتجد الذريعة المناسبة لزيارة قبر والدها خوفًا من اعتراضات كانت تواجهها. لم يكن هناك بُد فقد خرج لتوه من معركة خطبة فاشلة انتهت كجنينٍ خرج قبل أن تحين لحظة ميلاده، ومثلما تنتهي معظم زيجات أيامنا هذه المنزوعة البركة كاللبن منزوع الدسم.

 

   لم يكن قرارًا سهلاً حتى تطيعه نفسه لينتقل إلى غرب المدينة الهادئ وحيدًا حيث يرقد السابقون الراحلون، لكنه أيضًا في قرارة نفسه قد ضاق بالزحام وثرثرة الأحياء وعائلته في اجترار أحداث تلك الخِطبة، وخاصةً تقريع والده له على رعونته وطيشه وتسرعه كلما رآه، مما كلفهم خسارةً كبيرة، حدَّثَ نفسه وشجعها باتخاذ قرار الرحيل إلى الصامتين، ليمارس معهم صمته بعد أن كثر كلامه في توضيح وجهة نظره وكثرة صمت من يشرح لهم تعبيرًا عن غضبهم منه.

 

    الظلال وارفة والهدوء يعم الأحياء والأموات، والقبور متراصة بيضاء كأنها فى عرضٍ ختامي للحياة، الصباح مشمس هاديء لأن اليوم ليس عطلة، والنظافة يلاحظها حتى الكفيف:

ــ  نعم.. هذه ولا شك مقابر الشهداء.

 

   هكذا حدَّث نفسه و طمأنها.. راح يمشي أمام المقابر كأنه قائد عسكري يستعرض قواته، تقع عيناه على أسماء مكتوبة بالأبيض على لافتات خشبية سوداء وتحتها تاريخ الوفاة، وقف متسائلاً:

ــ من الذى قتلهم؟ فهذا أعرفه، فما الذى قتلهم؟! ربما قتل هذا رصاصة طائشة، أو ربما انقضت على هؤلاء دبابة  أو أمطرتهم الطائرات بوابل من القذائف.. ولم لا يكون نتيجة لاقتحامٍ جريء.. أو ربما اقتحام خاطئ..

 

   لم يخرجه من تأملاته المتسائلة غير وجود طفلة بملابسها البيضاء في هذا المكان وحدها، يقترب منها، تنظر إليه في براءة وهي تلعب ببعض الأحجار الصغيرة  أمام أحد القبور لتفاجئه قائلة:

ــ باباك موجود هنا وأتيت لزيارته؟

 

لم يدرِ ماذا يقول لها غير أنه أومأ لها بالإيجاب مشيرًا إلى أحد القبور التي أمامه، فأشارت هي الأخرى إلى القبر الذي أمامها:

ــ وهذا قبر أبي ..

 

   لم يكد يسألها مع من قدمت إلى هذا المكان، حتى أشارت له على امرأة تتشح بملابس السواد قابعة تحت مظلة مُعدة عند مدخل المقابر بحيث يتاح للجالس أن تمسح عينيه جميع القبور بوضوح، وبدون أن يسأل هذه المرة أجابته الصغيرة ببراءة الأطفال المتناهية :

ــ هذه مامتي.

 

    كانت المرأة الحزينة من بعيد تتابع الموقف فإذا بها تهب واقفة تستنهض طفلتها متعللةً بأنه موعد الرحيل.. يمسك بيد الطفلة يلاعبها كأنها أحد أقاربه ماضيًا بين القبور نحو أمها التي لم تعره أدنى اهتمام ولم ترد حتى تحيته، في حين وقف هنيهة يتفرس ملامح وجهها الهادئ الجميل بلونه الأبيض المشرب بحمرة الحزن.

 

    مضت تلملم حاجتها وحاجة طفلتها في حقيبة معها.. حاول أن يتكلم، لكن نظرة منه تجاه الأسود الراقدة الرابضة أحسسته بأنهم قد يقومون بافتراسه غيرةً منهم على زوجة صاحبهم، فأحس بأنه جِرذ يلهو في غياب صاحب البيت، أحس بالحقارة فانسحب بهدوء..

 

   انصرف خارج مدار المكان، ووقف ينتظر خروجها حتى يعتذر لها، ولكن أحدًا لم يخرج، فعاود النظر من بعيد، ليجد المرأة قد عادت لمقعدها، وأخرجت حاجتها وحاجة ابنتها من الحقيبة، والصغيرة تعدو من جديد نحو قبر أبيها لتواصل لعبها أمامه، والأم تبتسم لها..

 

   أدرك أنه اقتحم علي هذه الزوجة المكلومة لحظاتها وخلوتها مع ذكرياتها اقتحامًا غير متعمد منه، مضى يضرب بحذائه الأحجار التي تقابله متمتمًا:

ــ ليتني لم أسمع نصيحتك يا أمي.. فقد ضيقتْ القبور الصدور أكثر، ولم يبدد الصمت سوى صوت أبي داخلى:

ــ أرعن.. طائش.. متهور...   

 

السبت، 4 ديسمبر 2021

قصيدة صلوا على النبى ـ كلمات دكتور السيد إبراهيم ـ قناة الأمة

قصيدة امى للشاعر الدكتور السيد إبراهيم أحمد

دكتو ر السيد ابراهيم أحمد في النشرة الثقافية ـ النيل الثقافية

أجمل الحكايات مع ماما عزة عن البطل الشاطر نادر السيد

مقدمة ديوان "نادر يبحث عن السعادة" بقلم وصوت الكاتبة عزة أبو العز

كلمة الأديب الناقد الدكتور السيد إبراهيم في حفل توقيع كتاب بوح الروح لل...

دكتور السيد إبراهيم أحمد في ندوة حوارية مع الدكتورة رانيا الوردي والأديب...