الأحد، 28 مايو 2017

دراسات يسيرة في رحاب السيرة ــ حلقة (1)...






الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. وبعـد:


فقد هيأ الله تعالى لصحيفة ذي المجاز رجل يعلم قيمة الثقافة في شمولها، ومنها بالطبع الثقافة الدينية وهو الشاعر القدير الأستاذ محمد عبد الستار طكو، ولذا فقد اغتنم الرجل أيام هذا الشهر الكريم لنطوف بسياحة يسيرة في رحاب السيرة العطرة على صاحبها الصلاة والتسليم، برعاية كريمة من الشاعر القدير الأستاذ ياسين عرعار.



الأصل أنها كانت دراسات يحويها كتاب مذيلة بالهوامش والمراجع، وهي حين تنتقل إلى عالم المقال فسيحس القارئ أنها سياحة يسيرة، واليسيرة هنا من استرواح النفوس لمطالعتها والسير في دروبها، ولكنها عسيرة من حيث الجهد المبذول فيها، غير أنه لن يكون عسيرًا على الفهم، ومن خلال هذه السياحة سأتناول بعضًا من المقالات الهامة في تأصيل مسائل يتشابك فيها الفقه مع العقيدة مع السيرة المطهرة في إطار الالتزام بالنقل الصحيح وشيء من إعمال الفكر من أجل الخروج بقيم جديدة، ورؤى دقيقة من هذا الالتباس المصطنع أحيانًا في مسألة زيارة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.



كما سأتعرض خلال تلك السياحة إلى الإرهاصات التي سبقت رحيل الرسول صلى الله عليه وسلم وأثر ذلك على العامة والصحابة وعلى ابنته رضوان الله عليهم أجمعين، لنقدم بتحليل ـ غير مسبوق ربما ـ صورة جديدة غير الذي دأب الفكر الإسلامي على طرحها وبثها بشكل يكاد يكون محفوظًا من كثرة استهلاكه.



كما ستتعرض المقالات في سياحتنا اليسيرة تلك إلى ذلك الاقتتال الحادث بين المتصوفة والسلف حول الحياة البرزخية لرسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، وهو ما تأتي المقالات منتصرة فيه لجانب السلف بشيء من الحياد العلمي.



وستتناول المقالات كذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحيٌ في قلوبنا بدراسة المحبة والفداء بين من أحبه من الصحابة رضوان الله عليهم وبين آخر وأصغر مسلم تظاهر دفاعًا عن سيده ونبيه صلى الله عليه وسلم ويفتديه بنفسه وروحه وبأمه وأبيه.



 كما ستتناول الدراسات ضرورة التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أولئك الذين ظنوا أن قدره الكريم مثل قدر أي أحد من البشر، بل فاقوا في تعظيمهم أناسٍ ما يساوون قلامة ظفره صلى الله عليه وسلم، فأغرقوهم بالألقاب والتفخيم، وأزالوا عن اسمه الكريم لقب السيادة، واستسهلوا فلم يكتبوا الصلاة والسلام عليه بعد اسمه الكريم صلى الله عليه وسلم.
إذن فهذه السياحة في سيرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وما يتصل بها تحتاج قراءة جادة بالقلب والعقل معًا وليس بالعاطفة وحدها؛ فربما تصور متصور من قراءة العنوان أنه كلام تقليدي لا يحتاج منه غير قراءة عابرة ثم يصلي ويسلم على سيد الخلق أجمعين ثم يمضي إلى نومه أو عمله أو صلاته، وقد تصور أنه فعل ما عليه، بل هي تحتاج أكثر من ذلك، وهذا ليس للتشويق، أو لبيان الجهد، بقدر ما هو للاستعداد والمثابرة. وقد تدعو الحاجة لتناول الموضوع الواحد لطوله وأهميته فسنفرده في مقالين متتاليين أو أكثر، وسيكون هناك التزام بذكر المراجع، وعزو الآيات والأحاديث والأقوال لأصحابها من باب الأمانة العلمية، على أننا سنضمنها في ثنايا المقال لتناسب الحال.



إن المسلم الحق هو الذي لا يمل من تكرار الإبحار فيها والتزود من أنوارها، وعلى كثرة ما تناولتها في كتب ودراسات، ولي عظيم الشرف، عديدة إلا أني مازلت أكرر منذ أول كتاب إلى كتابي الأخير الذي لم يأتِ بعد، أن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ستظل ماثلة في القلوب والأذهان إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها ، سواء في ذلك عقل وقلب من أحبوه وأتبعوه أو من خالفوه فاحترموه أو من غيرهم، ولهذا ستظل نبعًا متجددًا لا يقف عند حد الإشباع والارتواء بل سيجد فيها كل قارئ فضلاً جديـــدًا، ورؤية تدعو للتفكير والتأمل وربط الأحداث والتعمق فيها، واستكناه الأسرار، والتعرض للأنوار، وقد تفتح أمام القارئ مساقات يحب أن يزيد فيها تعمقًا وفهمًا.



والله أرجو بعد كل ما تقدم أن تنجح هذه المقالات في التواصل مع السيرة العطرة على الدوام، ورفقة صاحبها نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام في الدنيا والآخرة، وهو شرف عظيم، وأمل يضرب في جنبات النفس، وأمنية تتردد مع دقات القلب، واللهج بالدعاء بها في كل حين، وهذا حالي غالبًا وحال كل المسلمين، ومن المقالة القادمة سنبدأ الإبحار والرفقة.. وبالله أستعين.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الروائي السوداني بين التحديات والإنجازات..

     منذ أن خرجت الرواية السودانية إلى نور الإبداع العربي في أواخر أربعينيات القرن العشرين، ولم يزل صانعها مناضلا يقاوم العديد من التحولات ا...