الخميس، 17 يناير 2013

الإقتصاد الوسط .. للأمة الوسط بقلم:السيد إبراهيم أحمد | دنيا الرأي

الإقتصاد الوسط .. للأمة الوسط بقلم:السيد إبراهيم أحمد | دنيا الرأي

خلق الله أمة الإسلام أمة وسطاً ، واختار لها منهجها من عقيدة وأخلاق وعبادات وتشريعات محفوفة بإطار من الوسطية فى مظهرها وجوهرها ، ولذلك جاء الإقتصاد فى الإسلام منسجماً ومتسقاً مع تلك الوسطية ؛ فهو لا يرتكز أساساً على الفرد ، كما لايرتكز على الجماعة مخالفاً فى ذلك النظامين الرأسمالى والإشتراكى معاً ، بيد أنه يؤمن بالتوفيق بينهما عن طريق تحقيق المصلحة الخاصة من خلال تحقيق المصلحة العامة فى إطار سياسة وسط .
ومع اندلاع ثورات الربيع العربى التى مازالت تسعى نحو تحقيق أهدافها، برزت على الساحة وتسيدتها أحزاب مدنية ذات مرجعية إسلامية ، سعى معظمها نحو إتخاذ الإقتصاد الإسلامى منهجاً لها فى برنامجها الانتخابى ، وغايتها تطبيقه، بينما مازالت أحزاب أخرى من ذات المرجعية تتلكأ ، وتتوانى فى الإعلان عن مرجعية نهجها الإقتصادى فى برنامجها .

وقد فات من انبرى للدفاع عن المرجعية الإسلامية للبرنامج الإقتصادى لحزب الوسط محاولاً إثباتها بطريقة تجافى الواقع والمنظور، أن يقرأ ماورد فى مقالى’’ اقتصاد بلا مرجعية’’ :( ولقد شرح بعض من رجال الحزب البرنامج الاقتصادى على شاشات التلفاز، وأكدوا أن الحزب يتبنى نظام الإقتصاد الحر)، وقصدت من هذا الدكتور حسين زايد عضو الهيئة العليا لحزب الوسط فى محاضرة له ببورسعيد ، وكذلك الأستاذ أحمد عطا مقرر اللجنة الإقتصادية فى حزب الوسط أيضاً وهو يشرح برنامج الحزب فى البرنامج التليفزيونى (نبض الاقتصاد والناس) حلقة 23/10/2011، والذى راوغ فلم يجب سؤال الدكتور أحمد السيد النجار حين سأله عن تصور الحزب للبرنامج الاقتصادى ، وبدأ شارحاً المبادىء العامة والسياسات للبرنامج الاقتصادى شأنه فى هذا شأن المكتوب فى برنامج الحزب ولائحته لا يثبت مرجعية ، غير أنه فى هذه المرة قطع عليه هذه المحاولة الأستاذ طارق عبد الرحمن عضو الهيئة العليا ومقرر اللجنة الاقتصادية لحزب العدل حين قرر فى نفس الحلقة أن برنامج حزبه لا يختلف عن برنامج حزب الوسط وهو الاقتصاد الحر .
إذن فمحاولة من يدفعون بمرجعية إسلامية للبرنامج الاقتصادى لحزب الوسط هى محاولة فاشلة ، يدحضها الإعتراف وهو سيد الأدلة ، وتلك واحدة ، أما الثانية فلم نعلم على وجه الأرض أن المرجعيات تستوحى وتستمد من نصوص البرنامج الانتخابى دون الحاجة للإفصاح عنها ، وهو ما يجافى الحقيقة معقولاً ومنقولاً ، فمن البديهية أن يعلن الإنسان عن انتماءه باسمه وبملبسه وهيئته أو شعاره الذى يتخذه إن كان شخصاً إعتبارياً ، وهذا الذى لم يخالفه حزب الوسط نفسه إلا فى هذا الجانب لعلم من وضع البرنامج أن المرجعية هنا غائبة ومنتفية ، وصادمة لمن سيقرأ البرنامج من ذوى المرجعية الإسلامية بالطبع .
أن المبادىء العامة والسياسات الخاصة بالحزب تتشابه وتتشابك مع مبادىء وسياسات اقتصادية هنا وهناك لأحزاب أخرى ، وغايتها أيضاً ( العدل والمساواة والتكافل الاجتماعي وحرية التملك والادخار والكفاءة ) ولكن هل هذا يخرجها عن ليبراليتها أو اشتراكيتها أو اسلاميتها ..!! ، فلو خاطبت حتى الملاحدة وهم يضعون نظاماً اقتصادياً لقالوا نفس الطرح السابق بحسب تصورهم للعدل والمساواة .. وخلافه ، وبالتالى فالحجة تلزم الوسط كحزب لما تحاول تحقيق هذه الأهداف الإسلامية بمرجعية ليبرالية ؟!!
جاء الإقتصاد الحر بعد تطور طويل فى مختلف المجتمعات التى يعكس ظروفها وأوضاعها الخاصة،وأتى بعده النظام الاشتراكى بقرارات سياسية للنخبة الحاكمة ،بينما كان الاقتصاد في الإسلام ربانى المصدر ، وفرع أصيل من فروع الشريعة الإسلامية السمحة يشمل كل الجوانب المادية والروحية، منهجًا وأخلاقًا، و عبادات ومعاملات وحدود وفضائل تأتى متسقة مع الغاية الكبرى لهذا الدين ، وهى إفراد الله تعالى بالوحدانية .
إن حزب الوسط بنهجه الديمقراطى يسمح للرأى الآخر أن يُطرح ويُسمع ، باعتباره حزباً مدنياً ، لاكهنوت فيه ولا أسرار ، ولا سمع ولا طاعة ، وأنا من داخله ولست منقلباً عليه ، وحباً فى بلوغ كمالاته ، واستكمال غاياته ، أن أبصره بما يشين ، وهى غاية المحب الصادق الأمين ، وكان أولى بمن يدافع عن حزب أن يدافع عن دين ، فاقتصادنا الإسلامي يستحق الدفاع عنه فهو اقتصاد فريد وعريق وأصيل ومستقل ومتفرد، وأحرى به أن يسود لا مصر وحدها بل العالم بأسره ، وهو ما شهد به وله العالم خاصةً بعد أزمته الأخيرة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الروائي السوداني بين التحديات والإنجازات..

     منذ أن خرجت الرواية السودانية إلى نور الإبداع العربي في أواخر أربعينيات القرن العشرين، ولم يزل صانعها مناضلا يقاوم العديد من التحولات ا...