الاثنين، 13 فبراير 2017

المعجزة المحمدية





أن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنـا، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهـد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمـدًا عبد الله ورسوله . 

- اعلم ـ عزيزى القارئ ـ أن ما كتبته في الصفحات التاليات ليس تأريخاً لسيرة رسولنا الكريم صلى الله عليـــه وسلم بقدر ما هي زواية رؤية جـديد ة لبعض مواقف من حياته صلى الله عليه وسلم أثبت من خلالها أن الرسالة علي قدر عظمتها، لم يكن ليغيب عن الله عز وجـل ـ حاشا لله ـ وهو الراسل بالرسالة قدر عظمة الرسول صلى الله عليه وسلم فجاءت الرسالة علي قدر الرسول يليق بها وتليق بـــه . 

  لقد كان وسيظل القرآن معجزة الإسلام الخالدة، ومعجزة الرسول صلى الله عليه وسلم وهو كتاب سماوي أنزله الله عليه معجزًا في ألفاظه، متعبداً بتلاوته وهو كما يقول الشيخ متولي الشعرواي - رحمة الله عليه – في كتابـــه  "معجزات الرسول": (معجزة رسول الله الكبرى وهي القران جاءت معجزة عقلية ولم تأتِ معجـزة كونية حتى تتفق فيها كل الألسن وكل العقول ولا تنطفئ أبدًا، بل يكون عطاؤها مستمرًا عبر الأجيال). 

  لقد كانت معجزته الأولى بعد القرآن هى شخصيته وأفكاره.. هي هذا البناء الروحي الشامخ الذى احتمل في الله مااحتمل، وقاسى في الحق ما قاسى، وأدى أمانته بكمال لا يطاول .. وأجمل مايقال عن معجزات النبى بعد بعثته ، أنه كان بلامعجزة .. سوى تحرير العقل، وبلا خوارق سوى اطلاق الفكر ، بلا دليل غير كلمات الله.. ويضيف الأستاذ أحمد بهجت فى كتابه " أنبياء الله ": (لقد دعا عيسى بن مريم الى المساواة والاخوة والحب .. أمَّا محمد عليه الصلاة والسلام فوفق إلى تحقيق المساواة والاخوة والحب بين المؤمنين أثناء حياته وبعدها.. وعلى حين أحيا عيسى بن مريم الموتى وأخرجهم من قبورهم .. أحيا محمد بن عبدالله الأحياء من موتهم الذى لا يدركونه، وذلك أقسى أنواع الموت ، وأخرجهم من ظلمة الجهل الى طمأنينة العلم ، ومن خبل الشرك والكفر الى علم التوحيد ... ولقد كان سليمان نبيا وملكا يشتغل الجن فى خدمته ويطيرون آلاف الأميال لإحضار عروش أعدائه كى ينبهروا بقدرته فيسلموا ..أما محمد فكان يشتغل فى خدمة الاسلام ، بدرجة جندى بسيط ووديع .. وكان يعلم أنه لو غفل عن دعوته لحظة، أو استسلم جسده لاعياء الكفاح المتصل، فقد ضاعت فرصته فى نشر الاسلام وتبليغ أمثالى وأمثالك من عباد الله، ماأراد الله أن يعرفوه عن جلاله ورحمته). 

ومع خالص تقديرى لكل الذين عولوا على أن القرآن الكريم هى المعجزة الأولى للرسول صلى الله عليه وسلم إلا أنها لم تكن الأخيرة والوحيدة له فهو مثله مثل رسل الله السابقين عليه وعليهم السلام له معجزات حسية كونية حال حياته أيده الله بها وهو ينشررسالته بين ربوع مكة حيث عاش بدايات إرهاصات النبوة، وعلى أرض المدينة حيث ختم الله عز وجل حياته بها، شئنا أن نبينها لأن هناك من ادعى أن سيرة حياة خاتم الرسل صلى الله عليه وسلم كانت خالية من المعجزات، فمخافة أن أساهم فى ترسيخ هذا المفهوم عند من يطالع الكتاب سنفرد لها فصلاً قائماً بذاته قبل بداية رحلتنا مع الرسول صلى الله عليه وسلم . 

وبعد ماتقدم سنحاول ولو قليلاً فصل الرسول عن الرسالة ، لنتعرف عليه وحده، رجلاً . بشرًا .. إنساناً ما الذي أضافه للنبوة، وما أضافته له النبوة ، وذلك وصولاً لإثبات أن الرسول كان معجـــــزة أيضاً بغض النظر عن أن القرآن كان معجزته الأبدية للخلق، وأن الله أجري علي يديه معجزات تعلقت به حـــال حياته لها صفة الكونية. 

وأقف مع كل من كتب عن رسولنا الكريم واقترابهم من شخصه موقف المنتظر عطــائه من نورانية، والهامات، وإشراقات سيرته التي فاضت، فكتبوا يصفونه بأعلى الصفات والنعوت فمنهم من رآه نبي الرحمة، وآخر رسول الحرية، وثالث زعيم الاشتراكية وإمامها، ومن تناول عبقريته ومس عظمته ، ومن كتب بحثا عن مثاليته صلى الله عليه وسلم. 

  وأنا هنا بعد كل ما تقدم يحق لي أن أثبت معجزته حبًا وكرامة، وبقدر كبير من الموضوعية، وبدون تزيد أو تهويل بل بالتأمل الواقعي الواعي مقارنا ًبعالمناالمعاصر مع عالمه صلى الله عليه وسلم سواء في مكة المكرمة أو المدينة المنورة وأترك للقارئ في النهاية الحكم سواء بالاختلاف أوالإتفاق.


 
وأقول كما قال أستاذنا العقاد في مقدمة كتابه  "عبقرية محمد": (وحسبنا من كتابنا هذا أن يكون بنانا ً تومئ إلي تلك العظمة في أفاقها)، وأزيدعلى ذلك فأقول: أن تشير إلي ذلك الإعجاز البشري سيدي .. وسيد البشر محمد بن عبد الله عليه صلوات ربـي وتسليماته عليك. 


رابط التحميل:
https://saaid.net/book/open.php?cat=94&book=2787


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الروائي السوداني بين التحديات والإنجازات..

     منذ أن خرجت الرواية السودانية إلى نور الإبداع العربي في أواخر أربعينيات القرن العشرين، ولم يزل صانعها مناضلا يقاوم العديد من التحولات ا...